الخميس، 1 نوفمبر 2012

الفن والزخرفة في الإسلام

الفن والزخرفة في الإسلام
       مدونه التراث لاسلامي إذا ما تعرضنا للحديث عن حضارة من الحضارات وما الذي قدمته تلك الحضارة للبشرية فإنه لابد لنا من أن ندعم آراءنا بما يؤكد صحتها من المصادر المتاحة لدينا.ويجب أن يكون الاستدلال بمصادر مادية لا تدع مجالاً للشك في صحة وجودها، ولاخلاف انه إذا استطعنا أن ننظر بعين الحكمة إلى آثار عصر ما، فإنه لابد أن نستشف منها جوهر هذه الحضارة ونحكم حينئذ انها مثل انعكاساًت حقيقيا لجوهر وروح عصرها . وخير مثال على ذلك قلعة حلب وقلعة صلاح الدين الواقعتين في الجمهورية العربية السورية، والآثار الموجودة انعكاس للحضارات القديمة، حيث نجد أن آثار فترات القوة التي عاشتها الحضارات خلفت وراءها آثارا تعبر عن قوة واضحة، بينما في فترات الضعف التي عاشتها الحضارات نجدها تعبر عن وهن وضعف.
وقد أشار القرآن الكريم الى ما تركه الأقدمون من بعدهم في مثل قوله تعالى {فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد}(الحج:45)، {ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكناهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهار تجري من تحتهم}(الأنعام: 6). ومن الإنصاف أن نقول، بل الحق يقال إن بعض الآثار القائمة الآن قد لا نعرف كيف بنيت وشيدت مثل أهرامات الفراعنة في مصر، وبعض الظواهر قد لا نجد لها تفسيراً كسر التحنيط وسر تعامد الشمس على وجه رمسيس في يوم ميلاده ويوم جلوسه على العرش، فإذا ما تحدثنا عن الآثار الاسلامية فسنجد ان كل ما سبق ذكره ينطبق تماما عليها من حيث تعبيرها عن روح وجوهر حضارتها، والجمال الكائن فيها الى جانب تعبيرها الواضح عن فترات القوة والوهن الحضاري الذي تعرضت له الحضارة الاسلامية، بل وكذلك عن مدى تأثير الدين الاسلامي في العمارة والفنون السائدة في الأزمنة الماضية.
اثر الدين على العمارة والفنون
- القضاء على كل التماثيل التي تصور الأشخاص بصورتهم الطبيعية او التي كانت تعبد في تلك العصور.
- الابتعاد عن الرسوم العارية والتزام البنائين بالبساطة والجمال والأشكال الهندسية، ورسم الأوراق والنباتات بصورة إبداعية.
- إبداع الفنانين في الخطوط العربية المختلفة والمخطوطات المصورة.
- التوحيد الفني بين ريشة الفنانين وأنامل البنائين.
- النهي عن دفن الممتلكات مع الميت وعدم تزيين القبور (1).
- الاهتمام ببناء المساجد وزخرفتها وكذلك بناء السبيل الذي تفردت به الحضارة الإسلامية، فالسبيل هو بناء معماري يقوم على بئر كبيرة بها ماء يقدم للمارة وعابري السبيل دون مقابل وحينذاك استفادوا من هذا المبنى في التعليم.

الزخرفة الاسلامية
إن مصطلح الزخرفة يعود إلى المفردة اللاتينية decus التي تعني التزيين والتحلية فالخطوط والألوان والإيقاعات تشكل وحدات فنية تثير فينا حساً زخرفياً ساراً وفن الزخرفة يدخل في شتى مظاهر حياتنا اليومية، الأبنية وقطع الأثاث والأواني والأزياء والأنسجة وقطع الحلي وفي كل فن تزييني، فكل وحدة جمالية هي في حد ذاتها عالم متميز في الحياة ومن المؤكد ان مجمل حضارات العالم قد عرفت الزخرفة عبر فنونها المختلفة.
وظيفة الزخرفة
لقد بدأت الزخرفة في تنمية خصائصها المعروفة مثل التغطية الشاملة للحشوات وكثافة الجزئيات وتحوير الأشكال النباتية والتأليف بين التكوينات الهندسية والنباتية وكثافة المظهر السطحي لها دون أحجام بارزة لتتلاءم مع وظيفتها الأساسية المتمثلة في التغطية (2).
ب- مكونات الزخرفة: بالنسبة للعناصر الخاصة بفن العمارة الاسلامية فهي: المآذن - الأعمدة وتيجانها - الأقواس - القباب -المقرنصات (المتدليات) - النقوش ودقائق الزخارف - الزخارف الملونة - الكتابة العربية - الرقش العربي (الأرابيسك). ومن المؤكد أن هذا الموضوع يحتاج الى جهد كبير ودراسة مستفيضة ولكننا سنحاول أن نلقي الضوء على هذه المكونات.

المآذن
كانت المآذن لرفع الأذان، وهي مصممة على أشكال مختلفة.
- الأعمدة: ومثال عليها ما هو قائم الآن في قاعة الأسود بقصر الحمراء.
- الأقواس: وكانت مصممة على شكل حدوة الحصان أو مدببة من الأعلى او من ذوات الفصوص.
- القباب: وكانت مصممة على أشكال مختلفة.

المقرنصات
وكانت مصممة على شكل خلايا النحل في واجهات المساجد او تيجان الأعمدة او في الأسقف أو في المآذن أو في زخرفة جلود المساجد، يقول غستاف لوبون: لقد انفرد العرب في المقرنصات ولم توجد هذه الزخرفة عند امة من الأمم.
النقوش
وكانت مصممة على شكل رسوم هندسية ممزوجة بالخط العربي الذي كان له شأن كبير في الزخرفة وقد كانت تنقش في الحجر او تصب في قوالب خاصة.
- الزخارف الملونة: كانت الجدران الداخلية والخارجية للمساجد ملونة بازهى ألوان الزخرفة (3).

الكتابة العربية
إن الخط العربي يعد من أهم ما برز فيه العرب في مجال الفنون الزخرفية والمعمارية، فقد سما به الفنان الى أعلى درجة من الإجادة بحيث لا يكاد يخلو اثر من الآثار الاسلامية من هذا الخط.
الرقش العربي
وهو اصطلاح يستعمل للدلالة على الفنون الزخرفية وقد استعمل في مجال الموسيقى، أما كلمة ارابيسك فكلمة عربية وتعني الفن العربي الزخرفي المعماري الذي انتشر في جميع أنحاء العالم وأصبح مرجعا ونموذجا لسائر الفنون الزخرفية التجريدية المتطورة التي تحفل بها المساجد والأبنية والأسواق بل إن الفنان يمزج فيه بين الخط العربي والأشكال والتكوينات الهندسية او الأشكال النباتية، وكلها تمثل تكوينا فنيا متكاملا (5).
ج- خصائص الزخرفة: يمكن إيجاز أهم خصائص الزخرفة في السمات التالية: الإيحاء بالحركة، شغل الفراغ، التجريد والرمز، التكرار، التنوع، الوحدة.
- الإيحاء بالحركة: فعندما نتأمل الوحدة وفي اللحظة التي يخيل إليك أنها انتهت تفاجأ عند نقطة معينة في الفراغ أن الوحدة التالية تبدأ ويمكن أن لحظ في الزخرفة الأشكال الساكنة والأشكال المتحركة.
- شغل الفراغ: بحيث تعطى الأولوية في الرؤية إلى مجموع المساحة المزخرفة والظاهرة للعين، ومثال على ذلك واجهة جامع المؤيد بالقرب من زويلة بالقاهرة وجامع اولو في ديفريجي بالأناضول الوسطى.

التجريد والرمز
وذلك ما هو موجود في بعض المباني القديمة الدينية فهي تتوهج بنبض شاعري فالتجريد فن مطلق لانهائي غير مقيد بأبعاد الرؤية البصرية للموضوعات الطبيعية كما انه ليس تجريدا عبثيا.
- التكرار: إن التكرار في العمل الفني بشكل عام فيه خطورة بينما نجد ان الفنان المسلم قد قام به دون أن يشعرنا بالملل وذلك نتيجة لطريقة توظيفه فهو تجسيد مثالي، والقرآن الكريم علمنا التكرار، قال تعالى {فبأي الاء ربكما تكذبان}(الرحمن: 13-55).
- التنوع: تتصف الزخرفة بالاتساق إضافة إلى التنوع والضخامة وتحاشي تكرار الصيغة الزخرفية وخير مثال على ذلك الزخرفة الموجودة في جامع احمد بن طولون بالقاهرة.
- الوحدة: تتكامل عناصر الزخرفة مثلما يتكامل أعضاء الجسد الواحد بنسبة ثابتة لتحقيق التكوين المتكامل والتعبير عن الكل (4).

عمارة المساجد
لقد انشأ المسلمون في المدن التي شيدوها المساجد والمدارس والقصور وغيرها من المباني الفخمة المتعددة، وذلك وفق طرز متميزة تسمى عادة العمارة الاسلامية ويجدر بنا أن نذكر بعض المساجد القديمة قبل أن اختم بحثي هذا: المسجد الحرام بمكة المكرمة، المسجد النبوي الشريف بالمدينة المنورة، قبة الصخرة والمسجد الأقصى بالقدس، الجامع الأموي الكبير بدمشق، مسجد السنة بالرباط وجامع القرويين بفاس، مسجد عقبة بالقيروان، جامع قرطبة بالأندلس، جامع احمد بن طولون بالقاهرة، مسجد باداشاهي في لاهور، هذا ما استطعت تقريبه إلى الأذهان من هذا النوع من الفن الاسلامي الرائع.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق