الأحد، 25 نوفمبر 2012

استلام الركن اليماني, وفضله:

     استلام الركن اليماني, وفضله:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم القداح, عن عثمان بن ساج قال: أخبرني عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يمر بالركن اليماني إلا وعنده ملك يقول: يا محمد, استلم.
وبه عن عثمان, أخبرني ياسين, عن عبد الله بن حميد, عن إبراهيم النخعي, عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"ما مررت بالركن اليماني إلا وجدت جبريل عليه قائمًا".
وبه قال: وأخبرني ياسين, عن عبد الله بن الزبير, عن أبيه أنه قال: يا بني, أدنني من الركن اليماني؛ فإنه كان يقال: إنه باب من أبواب الجنة.
وبه عن عثمان قال: وأخبرني جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي, وقد مررنا قريبًا من الركن اليماني ونحن نطوف دونه فقلت: ما أبرد هذا المكان فقال: قد بلغني أنه باب من أبواب الجنة.
وبه عن عثمان قال: وبلغني عن عطاء قال: قيل: يا رسول الله, رأيناك تكثر استلام الركن اليماني، قال: فقال -إن كان قاله:
"ما أتيت عليه قط إلا وجبريل قائم عنده, يستغفر لمن استلمه".
وبه عن عثمان, وأخبرني زهير بن محمد, عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين, عن مجاهد قال: من وضع يده على الركن اليماني ثم دعا, استجيب له قال: قلت له: قم بنا يا أبا الحجاج فلنفعل ذلك, ففعلنا ذلك.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, أخبرنا سعيد عن عثمان بن ساج, حدثنا عثمان بن الأسود, عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي الحسين, عن مجاهد قال: ما من إنسان يضع يده على الركن اليماني ويدعو, إلا استجيب له، قال: وبلغني أن بين الركن اليماني والركن الأسود سبعين ألف ملك لا يفارقونه, هم هنالك منذ خلق الله سبحانه البيت.

ص -271-      باب ما يقال عند استلام الركن الأسود:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن ابن جريج قال: قلت لعطاء: هل بلغك من قول يستحبّ عنده استلام الركن؟ قال: لا، وكأنه يأمر بالتكبير.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد, عن ابن جريج, عن نافع, عن ابن عمر أنه كان إذا استلم الركن قال: باسم الله, والله أكبر.
حدثنا أبو الوليد قال: وأخبرني جدي, عن سعيد بن سالم قال: أخبرني موسى بن عبيدة, عن سعيد بن إبراهيم, عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب كان يقول إذا كبر لاستلام الحجر: باسم الله, والله أكبر على ما هدانا الله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، آمنت بالله, وكفرت بالطاغوت وباللات والعزى وما يدعى من دون الله، إن وليي الله الذي نزل الكتاب, وهو يتولى الصالحين. قال عثمان: بلغني أنه يستحب أن يقال عند استلام الركن: باسم الله, والله أكبر, اللهم إيمانًا بك وتصديقًا بما جاء به محمد رسول الله -صلى الله عليه وسلم.

ص -272-      باب ما يقال من الكلام بين الركن الأسود واليماني:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن ابن جريج, أخبرني يحيى بن عبيد أن عبد الله بن السائب أخبره أن أباه أخبره أنه سمع النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول فيما بين الركن اليماني والركن الأسود:
"ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار".
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, أخبرنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني ياسين, حدثني إبراهيم, عن الحجاج بن الفرافصة, عن علي بن أبي طالب أنه كان إذا مر بالركن اليماني قال: باسم الله والله أكبر والسلام على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ورحمة الله وبركاته, اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر والذل ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار.
وبه عن عثمان قال: وأخبرني ياسين قال: أخبرني أبو بكر بن محمد, عن سعيد بن المسيب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا مر بالركن اليماني قال:
"اللهم إني أعوذ بك من الكفر والذل والفقر ومواقف الخزي في الدنيا والآخرة، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار"، فقال رجل: يا رسول الله, أرأيت إن كنت عجلا قال: "وإن كنت أسرع من برق الخلب". قال أبو محمد الخزاعي: الخلب: السحاب الذي ليس فيه مطر.
قال: وأخبرت أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يقول بين الركنين: اللهم قنعني بما رزقتني وبارك لي فيه, واحفظني في كل غائبة لي بخير, إنك على كل شيء قدير.
قال عثمان: وبلغني أن رجلًا كان على عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول بين الركن الأسود والركن اليماني ثلاث مرات: "اللهم أنت الله وأنت الرحمن, لا

ص -273-      إله غيرك وأنت الرب لا رب غيرك, وأنت القائم الدائم الذي لا تغفل, وأنت الذي خلقت ما يرى وما لا يرى, وأنت علمت كل شيء بغير تعليم, فسمع النبي -صلى الله عليه وسلم- من صنيعه فقال -إن كان قاله والله أعلم: "بشروه بالجنة, وأخبروه أنه في قومه مثل صاحب ياسين في قومه".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثني عيسى بن يونس, حدثنا عبد الله بن مسلم بن هرمز, عن مجاهد أنه كان يقول: ملك موكل بالركن اليماني منذ خلق الله السموات والأرض يقول: آمين فقولوا: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة, وقنا عذاب النار.
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن ابن جريج, عن عمر بن قتادة, عن سالم بن عبد الله, عن أبيه قال: على الركن اليماني ملكان موكلان يؤمنان على دعاء من يمر بهما, وإن على الأسود ما لا يحصى.
ما يقال عند استلام الركن, ومن أي جانب يستلم:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا ابن عيينة, عن عبد الكريم بن أبي أمية قال: يقال عند استلام الركن: اللهم إجابة دعوة نبيك, واتباع رضوانك, وعلى سنة نبيك -صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سفيان بن عبد الكريم, عن مجاهد قال: لا بأس أن يستلم الحجر من قبل الباب.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, وأخبرني خصيف بن عبد الرحمن أن مجاهدًا قال له: لا تستلم الحجر من قبل الباب, ولكن استقبله استقبالًا.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن مسلم بن خالد, عن ابن جريج قال: أخبرت أن طاوسًا استقبله حين ابتدأ الطواف.
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني المثنى بن الصباح أن عطاء كان يستلم الحجر من أين شاء.

ص -274-      ما جاء في رفع الركن الأسود:
حدثنا أبو الوليد، قال: أخبرني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج قال: أخبرني زهير بن محمد, عن منصور بن عبد الرحمن الحجبي, عن أمه, عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أكثروا استلام هذا الحجر؛ فإنكم توشكون أن تفقدوه بينما الناس يطوفون به ذات ليلة إذا أصبحوا وقد فقدوه, إن الله عز وجل لا يترك شيئًا من الجنة في الأرض إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة".
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, عن سعيد بن عثمان, أخبرني إبراهيم الصائغ, عن رجل, عن عمرو بن ميمون الأودي, عن يوسف بن ماهك قال: إن الله تعالى جعل الركن عيد أهل هذه القبلة كما كانت المائدة عيدًا لبني إسرائيل, وإنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم, وإن جبريل وضعه في مكانه, وإنه يأتيه فيأخذه من مكانه. قال عثمان: وحدثت عن مجاهد أنه قال: كيف بكم إذا أسري بالقرآن ورفع من صدوركم ونسخ من قلوبكم ورفع الركن؟ قال عثمان: وبلغني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:
"أول ما يرفع: الركن, والقرآن, ورؤيا النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, أخبرنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن مقاتل, عن علقمة بن مرثد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن الله تعالى يرفع القرآن من صدور الرجال, والحجر الأسود قبل يوم القيامة.

ص -275-      ما جاء في تقبيل الأيدي إذا استلم الركن:
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, حدثنا مسلم بن خالد, عن ابن جريج, عن عطاء قال: رأيت عبد الله بن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري وجابر بن عبد الله إذا استلموا الحجر قبلوا أيديهم, قال ابن جريج: قلت له: وابن عباس؟ قال: وابن عباس حسبت كثيرًا.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا عبد الله بن يحيى السهمي قال: رأيت عطاء بن أبي رباح وعكرمة بن خالد وابن أبي مليكة يطوفون بعد العصر ويصلون، ورأيتهم يستلمون الركن الأسود واليماني ويقبلون أيديهم ويمسحون بها وجوههم, وربما استلموا ولا يمسحون بها أفواههم ولا وجوههم.
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, حدثنا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق, عن عبد الله بن أبي زياد قال: رأيت عطاء ومجاهدًا وسعيد بن جبير إذا استلموا الركن, قبلوا أيديهم.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن الزنجي, عن ابن جريج قال: قال عمرو بن دينار: جفا من استلم الركن ولم يقبل يده، قال ابن جريج: وأخبرت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا طاف على راحلته يستلم الركن بمحجنه, ثم يقبل طرف المحجن.
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, حدثنا سفيان أنه سمع حميد بن حيان قال: رأيت سالم بن عبد الله إذا استلم يضع يده على خده أو جبهته، قال سفيان: ورأيت أيوب بن موسى إذا استلم الركن, يضع يده على جبهته أو على خده.
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي، عن سفيان, عن عبد الكريم, عن مجاهد قال: لا بأس أن تستلم الحجر من قبل الباب.

ص -276-      أول من استلم الركن الأسود قبل الصلاة, وبعدها من الأئمة:
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني جدي، حدثنا عبد الجبار بن الورد قال: سمعت ابن أبي مليكة يقول: أول من استلم الركن الأسود من الأئمة قبل الصلاة وبعدها ابن الزبير, فاستحسنت ذلك الولاة  بعده فاتبعته.
ذكر ما يدور بالحجر الأسود من الفضة:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي قال: كان ابن الزبير أول من ربط الركن الأسود بالفضة لما  أصابه الحريق, ثم كانت الفضة قد رقت وتزعزعت وتقلقلت حول الحجر الأسود حتى خافوا على الركن أن ينقص, فلما اعتمر أمير المؤمنين هارون الرشيد وجاور في سنة تسع وثمانين ومائة أمر بالحجارة التي بينها الحجر الأسود، فثقبت بالماس من فوقها وتحتها ثم أفرغ فيها الفضة, وكان الذي عمل ذلك ابن الطحان مولى ابن المشمعل, وهي الفضة التي هي عليه اليوم.

ص -277-      ذكر ذرع ما يدور بالحجر الأسود من الفضة:
ذراع وأربع أصابع، وذرع ما بين الحجر إلى الأرض ذراعان وثلثا ذراع، وذرع ما بين الركن والمقام ثمانية وعشرون ذراعًا، وحول الحجر الأسود طوق من فضة مفرغ وهو يلي الجدر, ودخول الفضة التي حول الحجر الأسود ودخول الحجر الأسود في الجدر عن وجه حد الجدر إصبعان ونصف.
ما جاء في الملتزم, والقيام في ظهر الكعبة:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا مسلم بن خالد, عن أبي الزبير المكي, عن ابن عباس قال: الملتزم والمدعى والمتعوذ ما بين الحجر والباب، قال أبو الزبير: فدعوت هنالك بدعاء بحذاء الملتزم, فاستجيب لي.
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, أخبرنا ابن عيينة, عن حميد, عن مجاهد قال: رأيت ابن عباس, وهو يستعيذ ما بين الركن والباب.
حدثنا أبو الوليد، قال: حدثني جدي, حدثنا يحيى بن سليم, حدثنا عثمان بن الأسود, عن مجاهد قال: ما بين الركن والباب يدعى الملتزم, ولا يقوم عبد ثم يدعو الله -عز وجل- بشيء إلا استجاب له.
حدثنا أبو الوليد قال: وحدثني جدي, حدثنا سفيان, عن عبد الكريم, عن مجاهد قال: الصق خديك بالكعبة, ولا تضع جبهتك.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي, حدثنا عيسى بن يونس, عن المثنى بن الصباح, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه قال: طفت مع عبد الله بن عمرو, فلما جئنا دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: أعوذ بالله

ص -278-      من النار, ثم مضى حتى استلم الحجر, فقام بين الركن والباب ثم وضع صدره ووجهه وذراعيه  وكفيه بسطًا, وقال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, عن مسلم بن خالد الزنجي, عن عثمان بن يسار, عن المغيرة بن حكيم, عن سعد بن خيثمة أنه رأى أناسًا يتعلقون بالبيت فقال: والله لو رأيتنا وما نفعل هذا والله ما يرضى بعضهم حتى إنه ليستدبرها باسته.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى, حدثنا عبد العزيز بن عمران, عن محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير, عن عطاء قال: مر ابن الزبير بعبد الله بن عباس بين الباب والركن الأسود فقال: ليس ههنا الملتزم، الملتزم دبر البيت، قال ابن عباس: هناك ملتزم عجائز قريش.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني المثنى بن الصباح عن عطاء قال: طاف عبد الملك بن مروان, والحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة أسبوعًا حتى إذا كانا في دبر الكعبة تعوذ عبد الملك, فقال الحارث: أتدري من أحدث هذا؟ أحدثه عجائز قومك.
قال عثمان: وبلغني عن مجاهد قال: قال معاوية بن أبي سفيان: من قام عند ظهر البيت فدعا, استجيب له, وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا سفيان بن حرب, حدثنا حماد بن زيد, عن أيوب قال: رأيت القاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز يقفان في ظهر الكعبة بحيال الباب, فيتعوذان ويدعوان.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, حدثني زهير بن أبي بكر المديني, عن عطاء, عن ابن عباس قال: من التزم الكعبة ثم دعا استجيب له، فقيل له: وإن كانت استلامة

ص -279-      واحدة؟ قال: وإن كانت أوشك من برق الخلب.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى, حدثنا هشام بن سليمان المخزومي, عن عبد الله بن أبي سليمان مولى بني مخزوم أنه قال: طاف آدم سبعًا بالبيت حين نزل, ثم صلى وجاه باب الكعبة ركعتين, ثم أتى الملتزم فقال: اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي, وتعلم ما في نفسي وما عندي فاغفر لي ذنوبي، وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي، اللهم إني أسألك إيمانًا يباشر قلبي, ويقينًا صادقًا حتى أعلم أنه لن يصيبني إلا ما كتبت لي, والرضا بما قضيت علي, فأوحى الله تعالى إليه:
"يا آدم, قد دعوتني بدعوات واستجبت لك, ولن يدعوني بها أحد من ولدك إلا كشفت همومه وغمومه, وكففت عليه ضيعته, ونزعت الفقر من قلبه, وجعلت الغنى بين عينيه, وتجرت له من وراء تجارة كل تاجر, وأتته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها" قال: فمنذ طاف آدم كانت سنة الطواف.
حدثنا أبو الوليد, حدثني أحمد بن نصر العرني, عن عثمان بن اليمان, عن حفص بن سليمان, عن علقمة بن مرثد, عن سليمان بن بريدة, عن أبيه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
"طاف آدم بالبيت سبعًا حين نزل..." ثم نسق مثل هذا الحديث.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن ابن عيينة, عن حميد بن قيس, عن مجاهد قال: جئت ابن عباس وهو يتعوذ بين الباب والركن الأسود فقلت له: كيف تقرأ هذه الآية قالوا: "ساحران تظاهرا"؟ قال لي عكرمة مولاه:
{سِحْرَانِ تَظَاهَرَا}.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن عبد المجيد, عن ابن جريج والمثنى بن الصباح, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه أنه قال: طاف محمد بن عبد الله بن عمرو مع أبيه عبد الله بن عمرو بن العاص, فلما كان في السابع أخذ بيده إلى دبر الكعبة فجبذه, وقال أحدهما: أعوذ بالله من النار، وقال

ص -280-      الآخر: أعوذ بالله من الشيطان, ثم مضى حتى أتى الركن فاستلمه, ثم قام بين الركن والباب فألصق وجهه وصدره بالبيت وقال: هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فعل.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن يحيى بن سليم, عن محمد بن السائب بن بركة, عن أمه أن عائشة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- أرسلت إلى أصحاب المصابيح فأطفئوها ثم طافت في ستر وحجاب, قالت: وطفت معها فطافت ثلاثة أسبع, كلما طافت سبعًا وقفت بين الباب والحجر تدعو.
حدثنا أبو الوليد، حدثني جدي, عن يحيى بن سليم, عن عثمان بن الأسود, عن مجاهد قال: كان يقال: ما بين الباب والحجر يدعى الملتزم, ولا يقوم عبد عنده فيدعو إلا رجوت أن يستجاب له، قال أبو الوليد: ذرع الملتزم وهو ما بين باب الكعبة وحد الركن الأسود أربعة أذرع.
ما جاء في الصلاة في وجه الكعبة:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, أخبرنا مسلم بن خالد, عن عبد الرحمن بن الحارث, عن حكيم بن حكيم, عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن عباس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أمني جبريل عند باب الكعبة مرتين".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن ابن عيينة, عن عمرو بن دينار, عن عطاء أن موسى بن عبد الله بن جميل سلم على ابن عباس وهو يصلي في وجه الكعبة, فأخذ بيده.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سفيان, عن ابن أبي نجيح،

ص -281-      قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: البيت كله قبلة, وقبلته وجهه, فإن أخطأك وجهه فقبلة النبي -صلى الله عليه وسلم، وقبلة النبي -صلى الله عليه وسلم- ما بين الميزاب إلى الركن الشامي الذي يلي المقام.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سفيان, عن عمرو قال: رأيت ابن الزبير إذا صلى العصر تقدم إلى وجه الكعبة, فصلى ركعتين.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن ابن جريج, عن محمد بن عباد عن جعفر, عن ابن السائب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى يوم الفتح في وجه الكعبة حذو الطرقة البيضاء, ثم رفع يديه فقال:
"هذه القبلة" قال أبو الوليد: قال جدي: كان داود بن عبد الرحمن يشير لنا إلى الموضع الذي صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- من وجه الكعبة قبل أن يطلى على الشاذروان الذي تحت إزار الكعبة الجص والمرمر عند الحجر السابع أو التاسع، قال جدي: الذي يشك في باب الحجر الشرقي، قال أبو الوليد: قال جدي: إن رأيت المرمر والجص قد قرف عن الشاذروان فعد سبعة أحجار من باب الحجر الشرقي, فإن كان السابع حجرا طويلا من أطول السبعة فيه حفر شبه النقر فهو الموضع وإلا فهو التاسع، قال داود: وكان ابن جريج يشير لنا إلى هذا الموضع ويقول: هذا الموضع الذي صلى فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو الموضع الذي جعل فيه المقام حين ذهب به سيل أم نهشل إلى أن قدم عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فرده إلى موضعه الذي كان فيه في الجاهلية, وفي عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبي بكر -رضي الله عنه- وبعض خلافة عمر -رضي الله عنه- إلى أن ذهب به السيل.
إلى هنا انتهى الجزء الأول من كتاب "أخبار مكة" ويليه -إن شاء الله- الجزء الثاني، وأوله: باب ما جاء في فضل الطواف.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق