الأحد، 25 نوفمبر 2012

صفة الحجر وذرعه

     صفة الحجر وذرعه1:
قال أبو الوليد: الحجر مدور وهو ما بين الركن الشامي والركن الغربي, وأرضه مفروشة برخام, وهو مستوٍ بالشاذروان الذي تحت إزار الكعبة, وعرضه من جدر الكعبة من تحت الميزاب إلى جدر الحجر سبعة عشر ذراعًا وثمان أصابع، وذرع ما بين بابي الحجر عشرون ذراعًا وعرضه اثنان وعشرون ذراعًا، وذرع "الجدار"2 من داخله في السماء ذراع وأربع عشرة إصبعًا، وذرعه مما يلي الباب الذي يلي المقام ذراع وعشر أصابع, وذرع جدر الحجر الغربي في السماء ذراع وعشرون إصبعًا, وذرع طول جدر الحجر من خارج مما يلي الركن الشامي ذراع وستة عشر إصبعًا, وطوله من وسطه في السماء ذراعان وثلاث أصابع, الرخام من ذلك ذراع وأربع عشرة إصبعًا, وعرض الجدار ذراعان إلا إصبعين, والجدر ملبس رخامًا وفي أعلاه في وسط الجدار رخامة خضراء طولها ذراعان إلا إصبعين, وعرضها ذراع وثلاث أصابع. قال أبو محمد الخزاعي: وقد حولت هذه الرخامة, فجعلت تحت الميزاب مما يلي الكعبة.
قال أبو الوليد: وذرع باب الحجر الذي يلي المشرق مما يلي المقام خمسة أذرع وثلاث أصابع, وفي عتبة هذا الباب حجران ارتفاعهما من بطن الحجر أربع أصابع, وذرع باب الحجر الذي يلي المغرب سبعة أذرع, وفي عتبة بابه أربعة أحجار, وارتفاعها من بطن الحجر أربع أصابع, ومخرج سيل ماء الحجر من وسطه من تحت الحجارة في ثقب بين حجرين.
قال أبو محمد الخزاعي: قد كان على ما ذكره أبو الوليد, ثم كان رخامه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر في ذلك: شفاء الغرام 1/ 347 وهو ينقل عن المصنف.
2 الإضافة من شفاء الغرام.

ص -255-      قد تكسر من وطء الناس, فعمل في خلافة المتوكل على الله وأمير مكة يومئذ أبو العباس عبد الله بن محمد بن داود, فرفعت أرض الحجر شيئًا حتى كان ماؤه يخرج من فوق الأحجار التي في عتبة الباب الغربي, فكان كذلك حتى عمر في خلافة أمير المؤمنين المعتضد بالله, فأشرف العمال في رفع أرضه حتى صارت أرفع من حجارة عتبتي البابين, حتى احتاجوا إلى أن يكسروا طرفي العمل المشرف على بابي الحجر, ولو كانوا جعلوه مستويًا مع العتبتين كما كان, كان أصوب.
قال أبو الوليد: وذرع تدوير الحجر من داخله ثمانية وثلاثون ذراعًا, وذرع تدوير الحجر من خارج أربعون ذراعًا وست أصابع, وذرع ما بين حدات الحجر من الشق الشرقي إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود تسعة وعشرون ذراعًا وأربع عشرة إصبعًا، وذرع ما بين حدات الحجر من شق  المغرب إلى حد الركن اليماني اثنان وثلاثون ذراعًا, وذرع طواف واحد حول الكعبة مائة ذراع وثلاثة وعشرون ذراعًا وثنتا عشرة إصبعًا، وذرع طواف سبع حول الكعبة ثمانمائة وستة وستون ذراعًا وعشرون إصبعًا.
ما جاء في فضل الركن الأسود:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار قال: سمعت القاسم بن أبي بزة يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: الركن, والمقام من الجنة.
وبه قال: حدثني جدي, عن مسلم بن خالد, عن ابن جريج, عن عطاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- أنه قال: ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام, فإنهما جوهرتان من جوهر الجنة, ولولا ما مسهما من أهل

ص -256-      الشرك, ما مسهما ذو عاهة إلا شفاه الله عز وجل.
وبه قال: حدثني جدي, عن مسلم بن خالد, وسفيان بن عيينة, عن ابن جريج, عن عطاء, عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال في الركن: لولا ما مسه من أنجاس الجاهلية وأرجاسهم, ما مسه ذو عاهة إلا برأ. قال عبد الله بن عمرو بن العاص: نزل الركن, وإنه لأشد بياضًا من الفضة، قال: حدثني جدي, عن سفيان, عن ابن جريج مثله.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن وهب بن منبه أن عبد الله بن عباس أخبره أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعائشة وهي تطوف معه بالكعبة حين استلم الركن:
"لولا ما طبع على هذا الحجر يا عائشة من أرجاس الجاهلية وأنجاسها, إذًا لاستشفي به من كل عاهة, وإذًا لألفي اليوم كهيئته يوم أنزله الله عز وجل وليعيدنه إلى ما خلقه  أول مرة, وإنه لياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة, ولكن الله -سبحانه وتعالى- غيره بمعصية العاصين، وستر زينته عن الظلمة والأَثَمة؛ لأنه لا ينبغي لهم أن ينظروا إلى شيء كان بدؤه من الجنة".
حدثنا أبو الوليد قال: وحدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن ابن جريج, عن عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب الأحبار أنهما قالا: لولا ما تمسح به من الأرجاس في الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا شفي, وما من الجنة شيء في الأرض إلا هو.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا إبراهيم بن محمد, عن عبد الله بن عثمان بن خيثم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"إن الله -عز وجل- يبعث الركن الأسود له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به, يشهد لمن استلمه بحق".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا عبد الله بن يحيى السهمي قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: الركن حجر من حجارة الجنة, ولولا

ص -257-      ما مسه من الأنجاس لكان كما نزل به.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثني عبد الله بن مسلم بن هرمز, عن محمد بن عباد بن جعفر, عن ابن عباس قال: الركن يمين الله في الأرض, يصافح بها عباده كما يصافح أحدكم أخاه.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا محمد بن أبي عمر, حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد الأعمى, عن أبيه, عن أبي هارون العبدي, عن أبي سعيد الخدري قال: خرجنا مع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- إلى مكة, فلما دخلنا الطواف قام عند الحجر وقال: والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك, ثم قبله ومضى في الطواف فقال له علي -عليه السلام: بلى يا أمير المؤمنين, هو يضر وينفع قال: وبم ذلك؟ قال: بكتاب الله تعالى قال: وأين ذلك من كتاب الله تعالى؟ قال: قال الله تعالى:
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا} الآية [الأعراف: 172] قال: فلما خلق الله عز وجل آدم مسح ظهره, فأخرج ذريته من صلبه فقررهم أنه الرب وهم العبيد, ثم كتب ميثاقهم في رق, وكان هذا الحجر له عينان ولسان فقال له: "افتح فاك" قال: فألقمه ذلك الرق وجعله في هذا الموضع وقال: "تشهد لمن وافاك بالموافاة يوم القيامة" قال: فقال عمر: أعوذ بالله أن أعيش في قوم لست فيهم يا أبا الحسن.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا سليمان بن حرب, حدثنا حماد بن سلمة, عن عبد الله بن عثمان بن خيثم, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: ليبعثن الله -عز وجل- هذا الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما ولسان ينطق به, يشهد لمن استلمه بالحق.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني مهدي بن أبي المهدي, حدثنا يحيى بن سليم

ص -258-      المكي قال: سمعت ابن جريج يقول: سمعت محمد بن عباد بن جعفر يقول: سمعت ابن عباس يقول: إن هذا الركن الأسود يمين الله -عز وجل- في الأرض يصافح بها عباده, مصافحة الرجل أخاه.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, عن عبد الجبار بن الورد المكي قال: سمعت القاسم بن أبي بزة يقول: الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة, وأنزل الركن بين دار السائب بن أبي وداعة وبين دار مروان ودار ابن أبي محذورة.
حدثنا مهدي بن أبي المهدي, حدثنا الحكم بن أبان قال: حدثني أبي, عن عكرمة قال: إن الحجر الأسود يمين الله في الأرض, فمن لم يدرك بيعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فمسح الحجر فقد بايع الله ورسوله.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني مهدي بن أبي المهدي, حدثنا مروان بن معاوية الفزاري, حدثنا العلاء, عن عمرو بن مرة, عن يوسف بن ماهك قال: قال عبد الله بن عمرو: إن جبريل -عليه السلام- نزل بالحجر من الجنة وإنه وضعه حيث رأيتم, وإنكم لم تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم, فتمسكوا به ما استطعتم, فإنه يوشك أن يجيء فيرجع به من حيث جاء به.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا مهدي بن أبي المهدي, حدثنا يزيد بن أبي حكيم وابن عمارة وابن بكار, عن الحكم قال: سمعت عكرمة يقول: الركن ياقوتة من يواقيت الجنة, وإلى الجنة مصيره، قال: قال ابن عباس: لولا ما مسه من أيدي الجاهليين لأبرأ الأكمه والأبرص.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى, حدثنا هشام بن سليمان, عن ابن جريج, عن منصور بن عبد الرحمن, عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: أنزل الركن والمقام مع آدم -عليه السلام- ليلة نزل بين الركن والمقام, فلما أصبح رأى الركن والمقام فعرفهما فضمهما إليه, وأنس بهما.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى، عن أبيه، عن محمد بن

ص -259-      عبد الملك بن جريج, عن أبيه أنه قال: كان سلمان الفارسي قاعدًا بين الركن وزمزم والناس يزدحمون على الركن فقال لجلسائه: هل تدرون ما هو؟ قالوا: هذا الحجر قال: قد أرى ولكنه من حجارة الجنة, أما والذي نفس سلمان الفارسي بيده ليجيئن يوم القيامة له عينان ولسان وشفتان, يشهد لمن استلمه بالحق.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى, عن أبيه, عن محمد بن عبد الملك بن جريج, عن أبيه, عن مجاهد أنه قال: يأتي يوم القيامة الركن والمقام كل واحد منهما مثل أبي قبيس, يشهدان لمن وافاهما بالموافاة.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن أبي إسماعيل, عن عبد الملك بن عبد الله بن أبي حسين, عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: إن الركن يمين الله عز وجل في الأرض يصافح بها خلقه, والذي نفس ابن عباس بيده, ما من امرئ مسلم يسأل الله عز وجل شيئًا عنده إلا أعطاه إياه، قال عثمان: وحدثت أن الله -تبارك وتعالى- لما أخذ ميثاق العباد جعله في الركن الأسود, فيبعثه الله -عز وجل- بالوفاء بعهده.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي وابن أبي عمر بن عامر قالا: حدثنا عبد الرحمن بن الحسن بن القاسم بن عقبة الأزرقي, عن أبيه, عن عبد الأعلى, عن عبد الله بن عامر بن كريز أنه قدم مع جدته أم عبد الله بن عامر معتمرة, فدخلت عليها صفية بنت شيبة فأكرمتها وأجازتها فقالت صفية: ما أدري ما أكرم به هذه المرأة أما دنياها فعظيمة, فنظرت حصاة مما كان نقر من الركن الأسود حين أصابه الحريق فجعلتها لها في حق ثم قالت لها: انظري هذه الحصاة فإنها حصاة من الركن الأسود, فاغسليها للمرضى فإني أرجو أن يجعل الله سبحانه لهم فيها الشفاء، فخرجت في أصحابها فلما خرجت من الحرم ونزلت في بعض المنازل صرع أصحابها فلم يبق منهم أحد إلا أخذته الحمى, فقامت فصلت ودعت ربها عز وجل, ثم التفتت إليهم فقالت:

ص -260-      ويحكم, انظروا في رحالكم ماذا خرجتم به من الحرم؟ فما الذي أصابكم إلا بذنب، قالوا: ما نعلم أنا خرجنا من الحرم بشيء قال: قالت لهم: أنا صاحبة الذنب, انظروا أمثلكم حياة وحركة قال: فقالوا: لا نعلم منا أحدًا أمثل من عبد الأعلى قالت: فشدوا له راحلة ففعلوا قال: ثم دعته فقالت: خذ هذا الحق الذي فيه هذه الحصاة فاذهب به إلى أختي صفية بنت شيبة فقل لها: إن الله سبحانه وضع في حرمه وأمنه أمرًا لم يكن لأحد أن يخرجه من حيث وضعه الله تعالى, فخرجنا بهذه الحصاة فأصابتنا فيها بلية عظيمة فصرع أصحابنا كلهم, فإياك أن تخرجيها من حرم الله عز وجل، قال عبد الأعلى: فما هو إلا أن دخلت الحرم, فجعلنا ننبعث رجلًا رجلًا.
حدثنا أبو الوليد، حدثني جدي, حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى, عن أبي الزبير, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس عن أبي بن كعب, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"الحجر الأسود نزل به ملك من السماء".
وبه حدثنا إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى, حدثني ليث بن سعد, عن مغيرة بن خالد المخزومي قال: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: الحجر والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, حدثني إبراهيم بن محمد, حدثني عبد الله بن عثمان, عن سعيد بن جبير, عن ابن عباس قال: الركن والمقام من جوهر الجنة.
حدثنا أبو الوليد، حدثني جدي, حدثني إبراهيم بن محمد, حدثني عبد الله بن أبي لبيد, عن ابن عباس قال: أنزل الركن الأسود من الجنة وهو يتلألأ تلألؤًا من شدة بياضه, فأخذه آدم -عليه السلام- فضمه إليه أنسًا به.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج قال: أخبرني يحيى بن أبي أنيسة, عن عطاء, عن عبد الله بن عباس قال: سمعته يقول:
"الحجر الأسود من حجارة الجنة, ليس في الدنيا من الجنة

ص -261-      غيره، ولولا ما مسه من دنس الجاهلية وجهلها, ما مسه ذو عاهة إلا برأ".
وبه عن عثمان بن ساج قال: أخبرني يحيى بن أبي أنيسة, عن ليث, عن مجاهد, عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول: لولا أن الحجر تمسه الحائض وهي لا تشعر, والجنب وهو لا يشعر, ما مسه أجذم ولا أبرص إلا برأ.
وبه عن سعيد بن سالم القداح, عن عثمان بن ساج, قال: أخبرني المثنى بن الصباح, عن مسافع الحجبي, عن عبد الله بن عمرو قال: أشهد بالله أن الركن والمقام ياقوتتان من ياقوت الجنة, لولا أن الله تعالى أطفأ نورهما لأضاء نورهما ما بين السماء والأرض.
وبه عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني معمر البصري, عن حميد الأعرج, عن مجاهد قال: الركن من الجنة, ولو لم يكن من الجنة لفني.
حدثنا أبو الوليد, أخبرني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني يحيى بن أبي أنيسة, عن عمرو بن شعيب, عن أبيه عن جده قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: كان الحجر الأسود أبيض كاللبن, وكان طوله كعظم الذراع, وما اسوداده إلا من المشركين كانوا يمسحونه, ولولا ذلك ما مسه ذو عاهة إلا برأ.
قال عثمان: وأخبرني ابن نبيه الحجبي, عن أمه أنها حدثته أن أباها حدثها أنه رأى الحجر قبل الحريق, وهو أبيض يتلألأ يتراءى الإنسان فيه وجهه.
قال عثمان: وأخبرني زهير أنه بلغه أن الحجر من رضراض ياقوت الجنة, وكان أبيض يتلألأ فسوده أرجاس المشركين, وسيعود إلى ما كان عليه قال: وهو يوم القيامة مثل أبي قبيس في العظم، له عينان ولسان وشفتان, يشهد لمن استلمه بحق, ويشهد على من استلمه بغير حق.
حدثنا أبو الوليد قال: أخبرني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان

ص -262-      ابن ساج، عن عطاء, عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: نزل آدم -عليه السلام- من الجنة معه الحجر الأسود متأبطه, وهو ياقوتة من يواقيت الجنة, ولولا أن الله طمس ضوءه ما استطاع أحد أن ينظر إليه, ونزل بالباسنة ونخلة العجوة. قال أبو محمد الخزاعي: الباسنة: آلات الصناع.
حدثنا أبو الوليد قال: أخبرني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن أبان بن أبي عياش أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سأل كعبًا عن الحجر فقال: مروة من مرو الجنة.
باب ما جاء في تقبيل الركن الأسود, والسجود عليه:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سفيان بن عيينة, عن ابن جريج, عن محمد بن عباد بن جعفر قال: رأيت ابن عباس -رضي الله عنهما- جاء يوم التروية وعليه حلة مرجلا رأسه, فقبل الركن الأسود وسجد عليه, ثم قبله وسجد عليه ثلاثًا.
حدثنا أبو الوليد، حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن هشام بن عروة, عن أبيه أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال وهو يطوف بالبيت: ما أنت إلا حجر, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك, يريد: الركن.
حدثنا أبو الوليد, حدثني مهدي بن أبي المهدي, حدثنا سفيان بن عاصم, عن ابن سرجس قال: رأيت الأصيلع -يعني عمر بن الخطاب- يقبل الحجر ويقول: إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك, يريد: الركن.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا مهدي بن أبي المهدي، حدثنا إبراهيم بن الحكم

ص -263-      ابن أبان, حدثني أبي, حدثني عكرمة قال: كان عمر بن الخطاب إذا بلغ موضع الركن قال: أشهد أنك حجر لا تضر ولا تنفع وإن ربي الله الذي لا إله إلا هو, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسحك ويقبلك, ما قبلتك ولا مسحتك.
وبه حدثنا إبراهيم بن الحكم بن أبان, عن أبيه قال: ردف عكرمة مولى ابن عباس دين, فخرج إلى اليمن يسأل فيه حتى بلغ عدن فقال له أبي: كم دينك؟ قال: كذا وكذا قال: فأقم وعلي دينك ومثله, فأقام عنده سنة فسمعت منه ما أريد.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان قال: أخبرني حنظلة بن أبي سفيان الجمحي قال: رأيت طاوسًا أتى الركن فقبله ثلاثًا ثم سجد عليه, وقال: قال عمر: إنك لحجر, ولولا أني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقبلك ما قبلتك.
باب ما جاء في فضل استلام الركن الأسود, واليماني:
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن العطار, حدثني معمر, عن عطاء بن السائب أن عبيد بن عمير، قال لابن عمر: إني أراك تزاحم على هذين الركنين فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن استلامهما يحط الخطايا حطًّا".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثني داود بن عبد الرحمن, عن ابن جريج أن رجلًا يقال له: حميد بن نافع قال لابن عمر: رأيتك تصنع أشياء لا يصنعها غيرك، فقال ابن عمر: إنك لا تزال طاعنًا في شيء, ما هو؟ قال: رأيتك تصفر لحيتك, وتلبس النعال السبنية, ولا تهل في الحج والعمرة

ص -264-      حتى تنبعث بك ناقتك, ولا تستلم إلا هذين الركنين الشرقيين قال: أما ما ذكرت من تصفير لحيتي فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصفر لحيته، وأما ما ذكرت من النعال السبنية فإني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يلبس غيرها حتى مات، وأما ما ذكرت من استلام الركنين الشرقيين فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يستلم غيرهما حتى مات، وأما إهلالي حين تنبعث ناقتي فإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يهل حتى تنبعث به راحلته.
حدثنا أبو الوليد, حدثني أحمد بن ميسرة المكي, حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد, عن أبيه قال: سمعت غير واحد من أهل المدينة يذكرون أن رجلًا سأل ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن, نراك تفعل خصالًا أربعًا لا يفعلها الناس؛ نراك لا تستلم من الأركان إلا الحجر والركن اليماني، ونراك لا تلبس من النعال إلا السبنية، ونراك تصفر شعرك ويصبغ الناس بالحناء, ونراك لا تحرم حتى تنبعث بك راحلتك وتوجه, فقال عبد الله: إني رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يفعل ذلك.
حدثنا أبو الوليد, حدثني أحمد بن ميسرة, عن عبد المجيد بن أبي رواد, عن أبيه قال: وقد سمعت نافعًا يذكر هذه الخصال عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه.
الزحام على استلام الركن الأسود, والركن اليماني:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني أحمد بن ميسرة, عن عبد المجيد بن عبد العزيز, عن أبيه, حدثني نافع عن ابن عمر, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان لا يدع الركن الأسود, والركن اليماني أن يستلمهما في كل طواف أتى عليهما، قال: وكان لا يستلم الآخرين. قال: وأخبرني نافع أن ابن عمر كان لا

ص -265-      يدعهما في كل طوف طاف بهما حتى يستلمهما, لقد زاحم على الركن مرة في شدة الزحام حتى رعف, فخرج فغسل عنه ثم رجع, فعاد يزاحم فلم يصل إليه حتى رعف الثانية, فخرج فغسل عنه ثم رجع فما تركه حتى استلمه.
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني ابن ميسرة, عن عبد المجيد, عن أبيه, عن نافع قال: لقد رأيت ابن عمر زاحم مرة على الركن اليماني حتى انبهر, فتنحى فجلس في ناحية الطواف حتى استراح ثم عاد, فلم يدعه حتى استلمه. قال أحمد بن ميسرة: قال: أخبرنا عبد المجيد قال أبي: ليس هذا بواجب على الناس, ولكنه كان يحب أن يصنع كما صنع النبي -صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني حنظلة بن أبي سفيان الجمحي قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: إن عبد الله بن عمر كان لا يترك استلام الركنين في زحام ولا غيره, حتى رأيته زاحمنا عنه يوم النحر وأصابه دم, فقال: قد أخطأنا هذه المرة.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, حدثنا ابن عيينة, عن إبراهيم بن أبي حرة قال: كنت أزاحم أنا وسالم بن عبد الله بن عمر على الركن حتى نستلمه. قال سفيان: وقال غير إبراهيم بن أبي حرة: كان سالم بن عبد الله لو زاحم الإبل لزحمها.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سفيان بن عيينة, عن طلحة بن يحيى قال: سألت القاسم بن محمد عن استلام الركن فقال: استلمه وزاحم عليه يابن أخي؛ فقد رأيت ابن عمر يزاحم عليه حتى يدمى.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن هشام بن عروة, عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الرحمن بن عوف:
"كيف فعلت يا أبا محمد في استلام الركن الأسود؟" قال: كل ذلك أستلم وأترك قال: "أصبت, وإن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجنه, يكره أن يضرب عنه الناس.

ص -266-      حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا ابن عيينة, عن أبي يعقوب العبدي قال: سمعت رجلًا من خزاعة كان أميرًا على مكة منصرف الحاج عن مكة يقول: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعمر بن الخطاب: "يا عمر, إنك رجل قوي وإنك تؤذي الضعيف, فإذا رأيت خلوة فاستلمه وإلا فكبر وامض".
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, حدثنا سفيان بن عيينة, عن هشام بن عروة, عن أبيه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعبد الرحمن بن عوف:
"كيف صنعت يا أبا محمد في استلام الحجر؟" وكان قد استأذنه في العمرة فقال: كلا قد فعلت, استلمت وتركت, فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "أصبت".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثني داود بن عبد الرحمن, عن هشام بن عروة أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان يستلم إذا وجد فجوة, فإذا اشتد الزحام كبر كلما حاذاه.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن ابن جريج, أخبرني عطاء أنه سمع ابن عباس يقول: إذا وجدت على الركن زحامًا فلا تؤذ, ولا تؤذى.
حدثنا أبو الوليد, حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, أخبرني حنظلة بن أبي سفيان الجمحي قال: كان طاوس قل ما استلم الركنين إذا رأى عليهما زحامًا قال: وقال ابن عباس: لا تؤذ مسلمًا, ولا يؤذيك, إن رأيت منه خلوة فقبله أو استلمه وإلا فامض.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق