ما
جاء في أول من استصبح حول الكعبة, وفي المسجد الحرام بمكة, وليلة هلال
المحرم:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا إسحاق بن نافع يقال له: الجارف -وليس هو الخزاعي الذي حدث عنه أبو الوليد- عن ابن بزيع بن شموءل قال: سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول: بلغنا أن أول من استصبح لأهل الطواف في المسجد الحرام عقبة بن الأزرق بن عمرو, وكانت داره لاصقة بالمسجد الحرام من ناحية وجه الكعبة, والمسجد يومئذ ضيق ليس بين جدر المسجد وبين المقام إلا شيء يسير, فكان يضع على حرف داره، وجدر داره وجدر المسجد واحد، مصباحًا كبيرًا يستصبح فيه فيضيء له وجه الكعبة والمقام وأعلى المسجد، قال: وأول من أجرى للمسجد زيتًا وقناديل, معاوية بن أبي سفيان رحمة الله عليه.
حدثني جدي قال: وحدثني عبد الرحمن بن أبي الحسن بن القاسم بن عقبة بن الأزرق عن أبيه قال: أول من استصبح لأهل الطواف وأهل المسجد الحرام جدي عقبة بن الأزرق بن عمرو الغساني, كان يضع على حرف داره مصباحًا عظيمًا فيضيء لأهل الطواف وأهل1 المسجد, وكانت داره لاصقة بالمسجد والمسجد يومئذ ضيق إنما جدراته جدرات دور الناس قال: فلم يزل يضع ذلك المصباح على حرف داره, حتى كان خالد بن عبد الله القسري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في ب, وفي الأصل أ: "أعلى".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا إسحاق بن نافع يقال له: الجارف -وليس هو الخزاعي الذي حدث عنه أبو الوليد- عن ابن بزيع بن شموءل قال: سمعت مسلم بن خالد الزنجي يقول: بلغنا أن أول من استصبح لأهل الطواف في المسجد الحرام عقبة بن الأزرق بن عمرو, وكانت داره لاصقة بالمسجد الحرام من ناحية وجه الكعبة, والمسجد يومئذ ضيق ليس بين جدر المسجد وبين المقام إلا شيء يسير, فكان يضع على حرف داره، وجدر داره وجدر المسجد واحد، مصباحًا كبيرًا يستصبح فيه فيضيء له وجه الكعبة والمقام وأعلى المسجد، قال: وأول من أجرى للمسجد زيتًا وقناديل, معاوية بن أبي سفيان رحمة الله عليه.
حدثني جدي قال: وحدثني عبد الرحمن بن أبي الحسن بن القاسم بن عقبة بن الأزرق عن أبيه قال: أول من استصبح لأهل الطواف وأهل المسجد الحرام جدي عقبة بن الأزرق بن عمرو الغساني, كان يضع على حرف داره مصباحًا عظيمًا فيضيء لأهل الطواف وأهل1 المسجد, وكانت داره لاصقة بالمسجد والمسجد يومئذ ضيق إنما جدراته جدرات دور الناس قال: فلم يزل يضع ذلك المصباح على حرف داره, حتى كان خالد بن عبد الله القسري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في ب, وفي الأصل أ: "أعلى".
ص
-227- فوضع
مصباح زمزم مقابل الركن الأسود في خلافة عبد الملك بن مروان, فمنعنا أن نضع ذلك
المصباح فرفعناه، قال: فدخلت دارنا تلك في المسجد حين وسع، دخل بعضها حين وسع ابن
الزبير المسجد, ودخلت بقيتها في توسيع المهدي الأول.
حدثني جدي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: كان عمر بن عبد العزيز يأمر الناس ليلة هلال المحرم يوقدون النار في فجاج مكة, ويضعون المصابيح للمعتمرين مخافة السرق، قال أبو الوليد: فلم يزل مصباح زمزم على عمود طويل مقابل الركن الأسود الذي وضعه خالد بن عبد الله القسري, فلما كان محمد بن سليمان على مكة في خلافة المأمون في سنة ست عشرة ومائتين, وضع عمودًا طويلًا مقابله بحذاء الركن الغربي, فلما ولي مكة محمد بن داود جعل عمودين طويلين أحدهما بحذاء الركن اليماني والآخر بحذاء الركن الشامي, فلما ولي هارون الواثق بالله أمر بعمد من شبه طوال عشرة, فجعلت حول الطواف يستصبح عليها لأهل الطواف, وأمر بثماني ثريات كبار يستصبح فيها وتعلق في المسجد الحرام, في كل وجه اثنتان.
وحدثني جدي قال: أول من استصبح بين الصفا والمروة خالد بن عبد الله القسري في خلافة سليمان بن عبد الملك في الحج وفي رجب، قال أبو الوليد: قال جدي: أول من أثقب النفاطات بين الصفا والمروة في ليالي الحج وبين المأزمين -مأزمي عرفة- أمير المؤمنين أبو إسحاق المعتصم بالله الطاهر بن عبد الله بن طاهر, سنة حج في سنة تسع عشرة ومائتين, فجرى ذلك إلى اليوم.
قال الخزاعي: أخبرني أبو عمران موسى بن منويه قال: أخبرني الثقة, أن هذه العمد الصفر كانت في قصر بابك الخرمي بناحية أرمينية, كانت في صحن داره يستصبح فيها, فلما خذله الله وقتل بابك وأتي برأسه إلى سامراء وطيف به
حدثني جدي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير قال: سمعت عطاء بن أبي رباح يقول: كان عمر بن عبد العزيز يأمر الناس ليلة هلال المحرم يوقدون النار في فجاج مكة, ويضعون المصابيح للمعتمرين مخافة السرق، قال أبو الوليد: فلم يزل مصباح زمزم على عمود طويل مقابل الركن الأسود الذي وضعه خالد بن عبد الله القسري, فلما كان محمد بن سليمان على مكة في خلافة المأمون في سنة ست عشرة ومائتين, وضع عمودًا طويلًا مقابله بحذاء الركن الغربي, فلما ولي مكة محمد بن داود جعل عمودين طويلين أحدهما بحذاء الركن اليماني والآخر بحذاء الركن الشامي, فلما ولي هارون الواثق بالله أمر بعمد من شبه طوال عشرة, فجعلت حول الطواف يستصبح عليها لأهل الطواف, وأمر بثماني ثريات كبار يستصبح فيها وتعلق في المسجد الحرام, في كل وجه اثنتان.
وحدثني جدي قال: أول من استصبح بين الصفا والمروة خالد بن عبد الله القسري في خلافة سليمان بن عبد الملك في الحج وفي رجب، قال أبو الوليد: قال جدي: أول من أثقب النفاطات بين الصفا والمروة في ليالي الحج وبين المأزمين -مأزمي عرفة- أمير المؤمنين أبو إسحاق المعتصم بالله الطاهر بن عبد الله بن طاهر, سنة حج في سنة تسع عشرة ومائتين, فجرى ذلك إلى اليوم.
قال الخزاعي: أخبرني أبو عمران موسى بن منويه قال: أخبرني الثقة, أن هذه العمد الصفر كانت في قصر بابك الخرمي بناحية أرمينية, كانت في صحن داره يستصبح فيها, فلما خذله الله وقتل بابك وأتي برأسه إلى سامراء وطيف به
ص
-228- في
البلدان وكان قد قتل خلقًا عظيمًا من المسلمين وأراح الله منه، هدمت داره وأخذت هذه
الأعمدة التي حول البيت الحرام في الصف الأول، ومنها في دار الخلافة أربعة أعمدة
وبعث بهذه الأعمدة المعتصم بالله أمير المؤمنين في سنة مائتين ونيف وثلاثين, فهذا
خبر الأعمدة الصفر التي حول الكعبة وهي عشر أساطين, وكانت أربع عشرة أسطوانة فأربع
في دار الخلافة بسامراء.
ذكر ما كان عليه ذرع الكعبة حتى صار إلى ما هو عليه اليوم من خارج
وداخل:
قال أبو الوليد: كان إبراهيم خليل الرحمن بنى الكعبة البيت الحرام, فجعل طولها في السماء تسعة أذرع وطولها في الأرض ثلاثين ذراعًا وعرضها في الأرض اثنين وعشرين ذراعًا. وكان غير مسقف في عهد إبراهيم ثم بنتها قريش في الجاهلية والنبي -صلى الله عليه وسلم- يومئذ غلام فزادت في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى, فكانت في السماء ثمانية عشر ذراعًا وسقفوها ونقصوا من طولها في الأرض ستة أذرع وشبرًا, فتركوها في الحجر واستقصرت دون قواعد إبراهيم وجعلوا ربضًا في بطن الكعبة وبنوا عليه حين قصرت بهم النفقة وحجروا الحجر على بقية البيت؛ لأن يطوف الطائف من ورائه, فلم يزل على ذلك حتى كان زمن عبد الله بن الزبير فهدم الكعبة وردها إلى قواعد إبراهيم, وزاد في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى على بناء قريش, فصارت في السماء سبعة وعشرين ذراعًا، وأوطأ بابها بالأرض, وفتح في ظهرها بابًا آخر مقابل هذا الباب، وكانت على ذلك حتى قتل ابن الزبير وظهر الحجاج وأخذ مكة، فكتب إليه عبد الملك بن مروان يأمره أن يهدم ما كان ابن الزبير زاد من الحجر في الكعبة, ففعل وردها إلى قواعد قريش التي استقصرت في بطن البيت, وكبسها بما فضل من حجارتها, وسد بابها الذي في ظهرها, ورفع بابها هذا الذي في وجهها, والذي هي عليه اليوم من الذرع.
قال أبو الوليد: كان إبراهيم خليل الرحمن بنى الكعبة البيت الحرام, فجعل طولها في السماء تسعة أذرع وطولها في الأرض ثلاثين ذراعًا وعرضها في الأرض اثنين وعشرين ذراعًا. وكان غير مسقف في عهد إبراهيم ثم بنتها قريش في الجاهلية والنبي -صلى الله عليه وسلم- يومئذ غلام فزادت في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى, فكانت في السماء ثمانية عشر ذراعًا وسقفوها ونقصوا من طولها في الأرض ستة أذرع وشبرًا, فتركوها في الحجر واستقصرت دون قواعد إبراهيم وجعلوا ربضًا في بطن الكعبة وبنوا عليه حين قصرت بهم النفقة وحجروا الحجر على بقية البيت؛ لأن يطوف الطائف من ورائه, فلم يزل على ذلك حتى كان زمن عبد الله بن الزبير فهدم الكعبة وردها إلى قواعد إبراهيم, وزاد في طولها في السماء تسعة أذرع أخرى على بناء قريش, فصارت في السماء سبعة وعشرين ذراعًا، وأوطأ بابها بالأرض, وفتح في ظهرها بابًا آخر مقابل هذا الباب، وكانت على ذلك حتى قتل ابن الزبير وظهر الحجاج وأخذ مكة، فكتب إليه عبد الملك بن مروان يأمره أن يهدم ما كان ابن الزبير زاد من الحجر في الكعبة, ففعل وردها إلى قواعد قريش التي استقصرت في بطن البيت, وكبسها بما فضل من حجارتها, وسد بابها الذي في ظهرها, ورفع بابها هذا الذي في وجهها, والذي هي عليه اليوم من الذرع.
ص
-229- باب
ذرع البيت من خارج1:
طولها في السماء سبعة وعشرون ذراعًا، وذرع طول وجه الكعبة من الركن الأسود إلى الركن الشامي خمسة وعشرون ذراعًا، وذرع دبرها من الركن اليماني إلى الركن الغربي خمسة وعشرون ذراعًا، وذرع شقها اليماني من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرون ذراعًا، وذرع شقها الذي فيه الحجر من الركن الشامي إلى الركن الغربي أحد وعشرون ذراعًا، وذرع جميع الكعبة مكسرًا أربعمائة ذراع وثمانية عشر ذراعًا، وذرع نفذ جدار الكعبة ذراعان، والذراع أربع وعشرون إصبعًا، والكعبة لها سقفان أحدهما فوق الآخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر في ذلك: شفاء الغرام 1/ 176.
طولها في السماء سبعة وعشرون ذراعًا، وذرع طول وجه الكعبة من الركن الأسود إلى الركن الشامي خمسة وعشرون ذراعًا، وذرع دبرها من الركن اليماني إلى الركن الغربي خمسة وعشرون ذراعًا، وذرع شقها اليماني من الركن الأسود إلى الركن اليماني عشرون ذراعًا، وذرع شقها الذي فيه الحجر من الركن الشامي إلى الركن الغربي أحد وعشرون ذراعًا، وذرع جميع الكعبة مكسرًا أربعمائة ذراع وثمانية عشر ذراعًا، وذرع نفذ جدار الكعبة ذراعان، والذراع أربع وعشرون إصبعًا، والكعبة لها سقفان أحدهما فوق الآخر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر في ذلك: شفاء الغرام 1/ 176.
ذرع الكعبة من داخلها1:
قال أبو الوليد: ذرع طول الكعبة في السماء من داخلها إلى السقف الأسفل مما يلي باب الكعبة ثمانية عشر ذراعًا ونصف, وطول الكعبة في السماء إلى السقف الأعلى عشرون ذراعًا، وفي سقف الكعبة أربع روازن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر في ذلك: شفاء الغرام 1/ 176.
قال أبو الوليد: ذرع طول الكعبة في السماء من داخلها إلى السقف الأسفل مما يلي باب الكعبة ثمانية عشر ذراعًا ونصف, وطول الكعبة في السماء إلى السقف الأعلى عشرون ذراعًا، وفي سقف الكعبة أربع روازن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 انظر في ذلك: شفاء الغرام 1/ 176.
ص
-230- نافذة
من السقف الأعلى إلى السقف الأسفل للضوء، وعلى الروازن رخام كان ابن الزبير أتى به
من اليمن من صنعاء يقال له: البلق، وبين السقفين فرجة، وذرع التحجير الذي فوق ظهر
سطح الكعبة ذراعان ونصف, وذرع عرض جدر التحجير كما يدور ذراع، وفي التحجير ملبن
مربع من ساج في جدرات سطح الكعبة كما يدور، وفيه حلق حديد تشد فيها ثياب
الكعبة.
وكانت أرض سطح الكعبة بالفسيفساء ثم كانت تكف عليهم إذا جاء المطر, فقلعته الحجبة بعد السنة المائتين وشيدوه بالمرمر المطبوخ والجص، شيد به تشييدًا، وميزاب الكعبة في وسط الجدر الذي يلي الحجر بين الركن الشامي والركن الغربي يسكب في بطن الحجر، وذرع طول الميزاب أربعة أذرع، وسعته ثماني أصابع في ارتفاع مثلها، والميزاب ملبس صفائح ذهب داخله وخارجه.
وكان الذي جعل عليه الذهب الوليد بن عبد الملك، وذرع مسيل الماء في الجدر ذراع وسبع عشرة إصبعًا، وذرع داخل الكعبة من وجهها من الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى الركن الشامي وفيه باب الكعبة تسعة عشر ذراعًا وعشر أصابع، وذرع ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي وهو الشق الذي يلي الحجر خمسة عشر ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا، وذرع ما بين الركن الغربي إلى الركن اليماني وهو ظهر الكعبة عشرون ذراعًا وست أصابع، وذرع ما بين الركن اليماني إلى الركن الأسود ستة عشر ذراعًا وست أصابع.
وفي الكعبة ثلاثة كراسي من ساج طول كل كرسي في السماء ذراع ونصف وعرض كل كرسي منها ذراع وثماني أصابع في مثلها، والكراسي ملبسة ذهب وفوق الذهب ديباج وتحت الكراسي رخام أحمر بقدر سعة الكراسي, وطول الرخام في السماء سبع أصابع وعلى الكراسي أساطين متفرقة ملبسة، الأسطوانة الأولى التي على باب الكعبة ثلثها ملبس صفائح ذهب وفضة وبقيتها مموهة, وذرع غلظها ذراعان ونصف وفوق الأساطين كراسي ساج مربعة منقوشة بالذهب والزخرف, وعلى الكراسي ثلاث جوايز
وكانت أرض سطح الكعبة بالفسيفساء ثم كانت تكف عليهم إذا جاء المطر, فقلعته الحجبة بعد السنة المائتين وشيدوه بالمرمر المطبوخ والجص، شيد به تشييدًا، وميزاب الكعبة في وسط الجدر الذي يلي الحجر بين الركن الشامي والركن الغربي يسكب في بطن الحجر، وذرع طول الميزاب أربعة أذرع، وسعته ثماني أصابع في ارتفاع مثلها، والميزاب ملبس صفائح ذهب داخله وخارجه.
وكان الذي جعل عليه الذهب الوليد بن عبد الملك، وذرع مسيل الماء في الجدر ذراع وسبع عشرة إصبعًا، وذرع داخل الكعبة من وجهها من الركن الذي فيه الحجر الأسود إلى الركن الشامي وفيه باب الكعبة تسعة عشر ذراعًا وعشر أصابع، وذرع ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي وهو الشق الذي يلي الحجر خمسة عشر ذراعًا وثماني عشرة إصبعًا، وذرع ما بين الركن الغربي إلى الركن اليماني وهو ظهر الكعبة عشرون ذراعًا وست أصابع، وذرع ما بين الركن اليماني إلى الركن الأسود ستة عشر ذراعًا وست أصابع.
وفي الكعبة ثلاثة كراسي من ساج طول كل كرسي في السماء ذراع ونصف وعرض كل كرسي منها ذراع وثماني أصابع في مثلها، والكراسي ملبسة ذهب وفوق الذهب ديباج وتحت الكراسي رخام أحمر بقدر سعة الكراسي, وطول الرخام في السماء سبع أصابع وعلى الكراسي أساطين متفرقة ملبسة، الأسطوانة الأولى التي على باب الكعبة ثلثها ملبس صفائح ذهب وفضة وبقيتها مموهة, وذرع غلظها ذراعان ونصف وفوق الأساطين كراسي ساج مربعة منقوشة بالذهب والزخرف, وعلى الكراسي ثلاث جوايز
ص
-231- ساج
أطرافها على الجدر الذي فيه باب الكعبة, وأطرافها الأخرى على الجدر الذي يستقبل باب
الكعبة وهو دبرها، والجوايز منقوشة بالذهب والزخرف وسقف الكعبة منقوش بالذهب
والزخرف, ويدور تحت السقف إفريز منقوش بالذهب والزخرف, وتحت الإفريز طوق من
فسيفساء.
ذرع ما بين الأساطين:
وذرع ما بين الجدر الذي يلي الركن الأسود والركن اليماني إلى الأسطوانة الأولى أربعة أذرع ونصف, وذرع ما بين الأسطوانة الأولى إلى الأسطوانة الثانية أربعة أذرع ونصف, وذرع ما بين الأسطوانة الثانية إلى الأسطوانة الثالثة أربعة أذرع ونصف, وذرع ما بين الأسطوانة الثالثة إلى الجدر الذي يلي الحجر ذراعان وثماني أصابع, وبين الأساطين من المعاليق سبعة وعشرون معلاقًا، والمعاليق في ثلثي الأساطين والمعاليق في عمد حديد وسلاسل المعاليق فضة, وبين الجدر الذي بين الحجر الأسود والركن اليماني إلى الأسطوانة الأولى أحد عشر معلاقًا, ومن الأسطوانة الأولى إلى الأسطوانة الثانية ثمانية معاليق فيها تاجان, ومن الأسطوانة الثانية إلى الأسطوانة الثالثة ثمانية وبقيتها مموهة، ثم أمرت السيدة أم أمير المؤمنين في سنة عشر وثلاثمائة غلامها لؤلؤا بأن يلبسها كلها ذهبًا, وهذه المعاليق على ما وصفنا إلى سنة تسع وثلاثين ومائتين.
وذرع ما بين الجدر الذي يلي الركن الأسود والركن اليماني إلى الأسطوانة الأولى أربعة أذرع ونصف, وذرع ما بين الأسطوانة الأولى إلى الأسطوانة الثانية أربعة أذرع ونصف, وذرع ما بين الأسطوانة الثانية إلى الأسطوانة الثالثة أربعة أذرع ونصف, وذرع ما بين الأسطوانة الثالثة إلى الجدر الذي يلي الحجر ذراعان وثماني أصابع, وبين الأساطين من المعاليق سبعة وعشرون معلاقًا، والمعاليق في ثلثي الأساطين والمعاليق في عمد حديد وسلاسل المعاليق فضة, وبين الجدر الذي بين الحجر الأسود والركن اليماني إلى الأسطوانة الأولى أحد عشر معلاقًا, ومن الأسطوانة الأولى إلى الأسطوانة الثانية ثمانية معاليق فيها تاجان, ومن الأسطوانة الثانية إلى الأسطوانة الثالثة ثمانية وبقيتها مموهة، ثم أمرت السيدة أم أمير المؤمنين في سنة عشر وثلاثمائة غلامها لؤلؤا بأن يلبسها كلها ذهبًا, وهذه المعاليق على ما وصفنا إلى سنة تسع وثلاثين ومائتين.
ص
-232- صفة
الروازن التي للضوء في سقف الكعبة:
قال أبو الوليد: وفي سقف الكعبة أربع روازن, منها: روزنة حيال الركن الغربي, والثانية حيال الركن اليماني, والثالثة حيال الركن الأسود, والرابعة حيال الأسطوانة الوسطى، وهي التي تلي الجدر بين الركن الأسود والركن اليماني، والروازن مربعة في أعلاها رخام يماني, يدخل منه الضوء إلى بطن الكعبة.
قال أبو الوليد: وفي سقف الكعبة أربع روازن, منها: روزنة حيال الركن الغربي, والثانية حيال الركن اليماني, والثالثة حيال الركن الأسود, والرابعة حيال الأسطوانة الوسطى، وهي التي تلي الجدر بين الركن الأسود والركن اليماني، والروازن مربعة في أعلاها رخام يماني, يدخل منه الضوء إلى بطن الكعبة.
صفة الجزعة وذرعها:
قال أبو الوليد: وفي الجدر الذي مقابل باب الكعبة وهو دبرها جزعة سوداء مخططة ببياض وذرع سعتها انتا عشر أصبعًا في مثلها وهي مدورة, وحولها طوق ذهب عرضه ثلاث أصابع وهي تستقبل من دخل من باب الكعبة وارتفاعها من بطن الكعبة ستة أذرع ونصف, يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى مقابل موضعها، جعلها حيال حاجبه الأيمن، قال أبو الوليد: وهذه الجزعة أرسل بها الوليد بن عبد الملك فجعلت هناك.
قال أبو الوليد: وفي الجدر الذي مقابل باب الكعبة وهو دبرها جزعة سوداء مخططة ببياض وذرع سعتها انتا عشر أصبعًا في مثلها وهي مدورة, وحولها طوق ذهب عرضه ثلاث أصابع وهي تستقبل من دخل من باب الكعبة وارتفاعها من بطن الكعبة ستة أذرع ونصف, يقال: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى مقابل موضعها، جعلها حيال حاجبه الأيمن، قال أبو الوليد: وهذه الجزعة أرسل بها الوليد بن عبد الملك فجعلت هناك.
صفة الدرجة:
وفي الكعبة إذا دخلتها على يمينك درجة يظهر عليها إلى سطح الكعبة وهي مربعة مع جدري الكعبة في زاوية الركن الشامي منها داخل في الكعبة
وفي الكعبة إذا دخلتها على يمينك درجة يظهر عليها إلى سطح الكعبة وهي مربعة مع جدري الكعبة في زاوية الركن الشامي منها داخل في الكعبة
ص
-233- من
جدرها الذي فيه بابها ثلاثة أذرع ونصف، وذرع الجدر الآخر الذي يلي الحجر ثلاثة أذرع
ونصف، وذرع باب الدرجة في السماء ثلاثة أذرع ونصف، وذرع عرضه ذراع ونصف، وبابها ساج
فرد أعسر وهو في حد جدر الكعبة وكان ساجه باديًا ليس عليه ذهب ولا فضة, حتى أمر به
أمير المؤمنين المتوكل على الله فضربت على الباب صفائح من فضة, وجعل له غلقا من فضة
في المحرم سنة سبع وثلاثين ومائتين، وعلى الباب ملبن ساج ملبس فضة، وفي الباب حلقة
فضة, وعلى الباب قفل من حديد في الملبن الذي يلي جدار الكعبة وباب الدرجة عن يمين
من دخل الكعبة مقابله, وطول الدرجة في السماء من بطن الكعبة عشرون ذراعًا وعدد
أضفارها ثمانية وأربعون ضفرًا, وفيها ثماني مستراحات وعرض الدرجة ذراع وأربع أصابع,
وفي الدرجة ثماني كواء داخلة في الكعبة منها أربع حيال الباب وأربع حيال الأسطوانة
التي تلي الجدر الذي يلي الحجر, وعلى بابها الذي يلي سطح الكعبة باب ساج طوله
ذراعان ونصف, وعرض ذلك الباب ذراعان.
صفة الإزار1
الرخام
الأسفل الذي في بطن الكعبة:
وبطن الكعبة موزرة مدارة من داخلها برخام أبيض وأحمر وأخضر وألواح ملبسة ذهبًا وفضة وهما إزاران، إزار أسفل فيه ثمانية وثلاثون لوحًا طول كل لوح ذراعان وثماني أصابع, من ذلك الألواح البيض أحد وعشرون لوحًا, منها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن اليماني سبعة ألواح، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود ستة ألواح، ومنها في الملتزم لوحان, ومنها في الجدر الذي فيه باب الكعبة ثلاثة ألواح، ومنها في الجدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إزار الحائط: ما يلصق به بأسفله للتقوية أو الصيانة أو الزينة.
وبطن الكعبة موزرة مدارة من داخلها برخام أبيض وأحمر وأخضر وألواح ملبسة ذهبًا وفضة وهما إزاران، إزار أسفل فيه ثمانية وثلاثون لوحًا طول كل لوح ذراعان وثماني أصابع, من ذلك الألواح البيض أحد وعشرون لوحًا, منها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن اليماني سبعة ألواح، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود ستة ألواح، ومنها في الملتزم لوحان, ومنها في الجدر الذي فيه باب الكعبة ثلاثة ألواح، ومنها في الجدر
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إزار الحائط: ما يلصق به بأسفله للتقوية أو الصيانة أو الزينة.
ص
-234- الذي
يلي الحجر أربعة ألواح، وعدد الألواح الخضر تسعة عشر لوحًا, منها في الجدر الذي بين
الركن الغربي والركن اليماني أربعة، ومنها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن
اليماني أربعة، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والحجر الأسود أربعة, ومنها
في الجدر الذي فيه الباب خمسة، ومنها في الملتزم لوحان، ومنها في الجدر الذي يلي
الحجر أربعة.
صفة الإزار الأعلى:
قال أبو الوليد: وفي الإزار الأعلى الثاني اثنان وأربعون لوحًا, طول كل لوح أربعة أذرع وأربع أصابع.
الألواح البيض من ذلك عشرون لوحًا, منها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود خمسة، ومنها لوح في الملتزم، ومنها في الجدر الذي فيه الباب خمسة، ومنها في الجدر الذي يلي الحجر تسعة.
ومن الألواح الحمر تسعة، منها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن اليماني ثلاثة، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود لوحان، ومنها في الجدر الذي فيه الباب لوحان، ومنها في الجدر الذي يلي الحجر لوحان.
ومن الألواح الخضر ستة، منها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن اليماني لوحان، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود لوحان، ومنها في الجدر الذي يلي الحجر لوحان.
ومن الألواح الملبسة الذهب والفضة التي في الأركان ستة ألواح, طول كل لوح منها أربعة أذرع وأربع أصابع, وعرض كل لوح منها ذراع وأربع أصابع, منها لوح في طرف زاوية الجدر الذي يلي الدرجة وهو الشامي, ولوح في
قال أبو الوليد: وفي الإزار الأعلى الثاني اثنان وأربعون لوحًا, طول كل لوح أربعة أذرع وأربع أصابع.
الألواح البيض من ذلك عشرون لوحًا, منها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود خمسة، ومنها لوح في الملتزم، ومنها في الجدر الذي فيه الباب خمسة، ومنها في الجدر الذي يلي الحجر تسعة.
ومن الألواح الحمر تسعة، منها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن اليماني ثلاثة، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود لوحان، ومنها في الجدر الذي فيه الباب لوحان، ومنها في الجدر الذي يلي الحجر لوحان.
ومن الألواح الخضر ستة، منها في الجدر الذي بين الركن الغربي والركن اليماني لوحان، ومنها في الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود لوحان، ومنها في الجدر الذي يلي الحجر لوحان.
ومن الألواح الملبسة الذهب والفضة التي في الأركان ستة ألواح, طول كل لوح منها أربعة أذرع وأربع أصابع, وعرض كل لوح منها ذراع وأربع أصابع, منها لوح في طرف زاوية الجدر الذي يلي الدرجة وهو الشامي, ولوح في
ص
-235- زاوية
الركن الغربي, وهو مما يلي الحجر, وفي طرف الجدر الذي بين الركن الغربي والركن
اليماني لوحان, وفي طرف الجدر الذي بين الركن اليماني والركن الأسود لوح وهو مما
يلي الركن اليماني، وفي الملتزم لوح, وفي الجدر الذي على يمينك إذا دخلت الكعبة
لوح.
صفة المسامير التي في بطن الكعبة:
قال أبو الوليد: وفي الألواح من المسامير ستة عشر مسمارًا، منها في الألواح التي تلي الملتزم ثلاثة، وفي الألواح التي بين الركن اليماني والركن الأسود وهي التي تلي الركن اليماني ثلاثة، ومنها مسمار في بطن الكعبة على ثلاثة أذرع ونصف، وفي بقية الألواح مسمار أو مسماران، والمسامير مفضضة مقبوة منقوشة تدوير كل مسمار سبع أصابع، والمسامير من بطن الكعبة على أربعة أذرع ونصف وفوق الإزار إزار من رخام منقوش مدار في جوانب البيت كله وفي نقشه حبل غير منقوش بذهب, وبين هذا الإزار الذي فيه الحبل إزار صغير كما يدور البيت منقوش عليه بماء الذهب من تحت الإفريز الذي تحت السقف، والإفريز من فسيفساء منقوش واصل بالسقف.
قال أبو الوليد: وفي الألواح من المسامير ستة عشر مسمارًا، منها في الألواح التي تلي الملتزم ثلاثة، وفي الألواح التي بين الركن اليماني والركن الأسود وهي التي تلي الركن اليماني ثلاثة، ومنها مسمار في بطن الكعبة على ثلاثة أذرع ونصف، وفي بقية الألواح مسمار أو مسماران، والمسامير مفضضة مقبوة منقوشة تدوير كل مسمار سبع أصابع، والمسامير من بطن الكعبة على أربعة أذرع ونصف وفوق الإزار إزار من رخام منقوش مدار في جوانب البيت كله وفي نقشه حبل غير منقوش بذهب, وبين هذا الإزار الذي فيه الحبل إزار صغير كما يدور البيت منقوش عليه بماء الذهب من تحت الإفريز الذي تحت السقف، والإفريز من فسيفساء منقوش واصل بالسقف.
صفة فرش أرض البيت بالرخام:
قال أبو الوليد: وأرض الكعبة مفروشة برخام أبيض وأحمر وأخضر، عدد الرخام ست وثلاثون رخامة، منها أربع خضر بين الأساطين وبين جدري الكعبة, عرض كل رخامة ذراع وأربع أصابع, وعرضهن من عرض كراسي
قال أبو الوليد: وأرض الكعبة مفروشة برخام أبيض وأحمر وأخضر، عدد الرخام ست وثلاثون رخامة، منها أربع خضر بين الأساطين وبين جدري الكعبة, عرض كل رخامة ذراع وأربع أصابع, وعرضهن من عرض كراسي
ص
-236- الأساطين
ومن الجدر الذي فيه الباب باب الكعبة إلى الرخام الأخضر الذي بين الأساطين ست عشرة
رخامة, منها ست بيض وسبع حمر, طولهن سبعة أذرع وخمسة عشر إصبعًا، وبين جدار الدرجة
وبين الرخام الأخضر ثلاث رخامات, منها اثنتان بيضاوان وواحدة حمراء, طول كل رخامة
منها أربعة أذرع ونصف، وست عشرة رخامة: ثمان بيض وثمان حمر, طول كل رخامة سبعة أذرع
وتسع أصابع, وأطرافهن في حد الرخام الأخضر الذي بين الأساطين والجدرين وأطرافهن في
الجدر الذي يستقبل باب الكعبة منها رخامة بيضاء عرضها ذراعان وإصبعان، ذكر أن النبي
-صلى الله عليه وسلم- صلى في موضعها، وهي الثالثة من الرخام البيض من حد الركن
اليماني, وطرفها في الأسطوانة الأولى من حيال باب الكعبة، وعند عتبة باب الكعبة
رخامتان خضراء وحمراء مفروشتان.
ذكر ما غير من فرش أرض الكعبة:
قال أبو الوليد: وذلك إلى آخر شهور سنة أربعين ومائتين, ومحمد المنتصر بالله ولي عهد المسلمين يومئذ يلي أمر مكة والحجاز وغيرهما، فكتب والي مكة إليه: إني دخلت الكعبة فرأيت الرخام المفروش به أرضها قد تكسر وصار قطعًا صغارًا, ورأيت ما على جدراتها من الرخام قد تزايل تهندمه ووهى عن مواضعه وأحضرت من فقهاء أهل مكة وصلحائهم جماعة وشاورتهم في ذلك, فأجمع ظنهم بأن ما على ظهر الكعبة من الكسوة قد أثقلها ووهَّنها, ولم يأمنوا أن يكون ذلك قد أضر بجدراتها, وأنها لو جردت أو خفف عنها بعض ما عليها من الكسوة كان أصلح وأوفق1 لها، فأنهيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في أ، وإتحاف الورى. وفي ب: "أوثق".
قال أبو الوليد: وذلك إلى آخر شهور سنة أربعين ومائتين, ومحمد المنتصر بالله ولي عهد المسلمين يومئذ يلي أمر مكة والحجاز وغيرهما، فكتب والي مكة إليه: إني دخلت الكعبة فرأيت الرخام المفروش به أرضها قد تكسر وصار قطعًا صغارًا, ورأيت ما على جدراتها من الرخام قد تزايل تهندمه ووهى عن مواضعه وأحضرت من فقهاء أهل مكة وصلحائهم جماعة وشاورتهم في ذلك, فأجمع ظنهم بأن ما على ظهر الكعبة من الكسوة قد أثقلها ووهَّنها, ولم يأمنوا أن يكون ذلك قد أضر بجدراتها, وأنها لو جردت أو خفف عنها بعض ما عليها من الكسوة كان أصلح وأوفق1 لها، فأنهيت
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في أ، وإتحاف الورى. وفي ب: "أوثق".
ص
-237- ذلك
إلى أمير المؤمنين؛ ليرى رأيه الميمون فيه, ويأمر في ذلك بما يوفقه الله -عز وجل-
ويسدده له, وكان فرش أرض الكعبة قد تثلم منه شيء كثير شائن1.
وكتب صاحب البريد إلى أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بمثل ما كتب به العامل بمكة من ذلك, وواتر2 كتبهما به وتماليا في ذلك3.
وذكر في بعض كتبهما أن أمطار الخريف قد كثرت، وتواترت بمكة ومنى في هذا العام, فهدمت منازل كثيرة، وأن السيل حمل في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإبراهيم نبي الله -عليه السلام- المعروف بمسجد الخيف، فهدم سقوفه وعامة جدراته, وذهب بما فيه من الحصباء فأعراه، وهدم من دار الإمارة بمنى وما فيها من الحجر جدرات وعدة أبيات، وهدم العقبة المعروفة بجمرة العقبة وبركة الياقوتة وبرك المأزمين, والحياض المتصلة بها، وبركة العيرة, وأن العمل في ذلك إن لم يتدارك ويبادر بإصلاحه كان على سيل زيادة, وهو عمل كثير لا يفرغ منه إلا في أشهر كثيرة4.
ورفع جماعة من الحجبة إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله رقعة ذكروا فيها: أن ما كتب به العامل بمكة من ذكر الرخام المتكسر في أرض الكعبة لم يزل على ما هو عليه، وأن ذلك لكثرة وطء من يدخل الكعبة من الحاجّ والمعتمرين والمجاورين وأهل مكة, وأنه لا يرزؤها ولا يضرها، وأنه ليس في جدراتها من الرخام المتزايل، ولا على ظهرها من الكسوة ما يخاف بسببه وهن ولا غيره، وأن زاويتين من زوايا الكعبة من داخلها ملبس ذهبًا وزاويتين فضة, وأن ذلك لو كان ذهبًا كله كان أحسن وأزين، وأن قطعة فضة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 304, 305.
2 كذا في الأصل، ومثله في إتحاف الورى وفي أ، ب: "وتواترت".
3 إتحاف الورى 2/ 305.
4 إتحاف الورى 2/ 305.
وكتب صاحب البريد إلى أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله بمثل ما كتب به العامل بمكة من ذلك, وواتر2 كتبهما به وتماليا في ذلك3.
وذكر في بعض كتبهما أن أمطار الخريف قد كثرت، وتواترت بمكة ومنى في هذا العام, فهدمت منازل كثيرة، وأن السيل حمل في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وإبراهيم نبي الله -عليه السلام- المعروف بمسجد الخيف، فهدم سقوفه وعامة جدراته, وذهب بما فيه من الحصباء فأعراه، وهدم من دار الإمارة بمنى وما فيها من الحجر جدرات وعدة أبيات، وهدم العقبة المعروفة بجمرة العقبة وبركة الياقوتة وبرك المأزمين, والحياض المتصلة بها، وبركة العيرة, وأن العمل في ذلك إن لم يتدارك ويبادر بإصلاحه كان على سيل زيادة, وهو عمل كثير لا يفرغ منه إلا في أشهر كثيرة4.
ورفع جماعة من الحجبة إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله رقعة ذكروا فيها: أن ما كتب به العامل بمكة من ذكر الرخام المتكسر في أرض الكعبة لم يزل على ما هو عليه، وأن ذلك لكثرة وطء من يدخل الكعبة من الحاجّ والمعتمرين والمجاورين وأهل مكة, وأنه لا يرزؤها ولا يضرها، وأنه ليس في جدراتها من الرخام المتزايل، ولا على ظهرها من الكسوة ما يخاف بسببه وهن ولا غيره، وأن زاويتين من زوايا الكعبة من داخلها ملبس ذهبًا وزاويتين فضة, وأن ذلك لو كان ذهبًا كله كان أحسن وأزين، وأن قطعة فضة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 304, 305.
2 كذا في الأصل، ومثله في إتحاف الورى وفي أ، ب: "وتواترت".
3 إتحاف الورى 2/ 305.
4 إتحاف الورى 2/ 305.
ص
-238- مركبة
على بعض جدرات الكعبة شبه المنطقة, فوق الإزار الثاني من الرخام تحت الإزار الأعلى
من الرخام المنقوش المذهب في زيق في الوسط فيه الجزعة التي تستقبل من توخى مصلى
رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتلك القطعة في الزيق مبتدأ منطقة كانت عملت في
خلافة محمد بن الرشيد, عملها سالم بن الجراح أيام عمل الذهب على باب الكعبة، ثم جاء
خلع محمد قبل أن يتم فوقف عن عملها، ولو كان بدل تلك القطعة منطقة فضة مركبة في
أعلى إزار الكعبة في تربيعها كان أبهى وأحسن، وأن الكرسي المنصوب المقعد فيه مقام
إبراهيم -عليه السلام- ملبس صفائح من رصاص، ولو عمل مكان الرصاص فضة كان أشبه به,
وأحسن, وأوفق له1.
فأمر أمير المؤمنين المتوكل على الله بعمل ذلك أجمع، فوجه رجلًا من صناعه يقال له: إسحاق بن سلمة الصائغ, شيخا له معرفة بالصناعات ورفق وتجارب، ووجه معه من الصناع من تخيرهم إسحاق بن سلمة من صناعات شتى من الصوغ والرخاميين وغيرهم من الصناع نيفًا وثلاثين رجلًا، ومن الرخام الألواح الثخان ليشق كل لوح منها بمكة لوحين، مائة لوح، ووجه بذهب وفضة وآلات لشق الرخام ولعمل الذهب والفضة.
ورفع الحجبة أيضًا رقعة إلى أمير المؤمنين يذكرون له أن العامل بمكة إن تسلط على أمر الكعبة أو كانت له مع إسحاق بن سلمة في ذلك يد لم يؤمن أن يعمد إلى ما كان صحيحًا أو يتعلل فيه فيخربه أو يهدمه، ويحدث في ذلك أشياء لا تؤمن عواقبها يطلب بذلك إضرارهم وأنهم لا يأمنون ذلك منه2.
فأمر أمير المؤمنين بكتاب إلى العامل بمكة في جواب ما كان هو وصاحب البريد كتبا به، أن أمير المؤمنين قد أمر بتوجيه إسحاق بن سلمة الصائغ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل أ, ومثله في إتحاف الورى. وفي ب: "وأوثق".
2 إتحاف الورى 2/ 307.
فأمر أمير المؤمنين المتوكل على الله بعمل ذلك أجمع، فوجه رجلًا من صناعه يقال له: إسحاق بن سلمة الصائغ, شيخا له معرفة بالصناعات ورفق وتجارب، ووجه معه من الصناع من تخيرهم إسحاق بن سلمة من صناعات شتى من الصوغ والرخاميين وغيرهم من الصناع نيفًا وثلاثين رجلًا، ومن الرخام الألواح الثخان ليشق كل لوح منها بمكة لوحين، مائة لوح، ووجه بذهب وفضة وآلات لشق الرخام ولعمل الذهب والفضة.
ورفع الحجبة أيضًا رقعة إلى أمير المؤمنين يذكرون له أن العامل بمكة إن تسلط على أمر الكعبة أو كانت له مع إسحاق بن سلمة في ذلك يد لم يؤمن أن يعمد إلى ما كان صحيحًا أو يتعلل فيه فيخربه أو يهدمه، ويحدث في ذلك أشياء لا تؤمن عواقبها يطلب بذلك إضرارهم وأنهم لا يأمنون ذلك منه2.
فأمر أمير المؤمنين بكتاب إلى العامل بمكة في جواب ما كان هو وصاحب البريد كتبا به، أن أمير المؤمنين قد أمر بتوجيه إسحاق بن سلمة الصائغ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل أ, ومثله في إتحاف الورى. وفي ب: "وأوثق".
2 إتحاف الورى 2/ 307.
ص
-239- للوقوف
على تلك الأعمال، ورد الأمر فيها إلى إسحاق ليعمل بما فيه الصلاح والإحكام إن شاء
الله تعالى، فقدم إسحاق بن سلمة الصائغ بمن معه من الصناع والذهب والفضة والرخام
والآلات مكة لليلة بقيت من رجب سنة إحدى وأربعين ومائتين, ومعه كتاب منشور مختوم في
أسفله بخاتم أمير المؤمنين إلى العامل بمكة, وغيره من العمال بمعاونة إسحاق بن سلمة
ومكانفته على ما يحتاج إليه من ترويج هذه الأعمال, وأن لا يجعلوا على أنفسهم في
مخالفة ما أمروا به من ذلك سبيلا1.
فدخل إسحاق بن سلمة الكعبة في شعبان بعد قدومه مكة بأيام، ودخل معه العامل بمكة, وصاحب البريد, وجماعة من الحجبة, وناس من أهل مكة من صلحائهم من القرشيين، وجماعة من الصناع الذين قدم بهم معه, وأحضر منجنيقًا طويلا ألصقة إلى جانب الحدر الذي يقابل من دخل الكعبة, وصعد عليه إسحاق بن سلمة ومعه خيط وسابورة2، فأرسل الخيط من أعلى المنجنيق وهو قائم عليه، ثم نزل وفعل ذلك بجدراتها الأربعة فوجدها كأصح ما يكون من البناء وأحكمه, فسأل الحجبة: هل يجوز التكبير داخل الكعبة؟ فقالوا: نعم, فكبر وكبر من حضره داخل الكعبة وكبر الناس ممن في الطواف وغيرهم من خارجها، وخر من في داخل الكعبة جميعًا سجدًا لله وشكرًا، وقام إسحاق بن سلمة بين بابي الكعبة، فأشرف على الناس وقال: يأيها الناس, احمدوا الله تعالى على عمارة بيته، فإنا لم نجد فيه من الحدث مما كتب به إلى أمير المؤمنين شيئًا، بل وجدنا الكعبة وجدراتها وأحكام بنائها وإتقانها على أتقن ما يكون3.
وابتدأ إسحاق بن سلمة عمل الذهب والفضة والرخام في الدار المعروفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 315.
2 السابورة: المسبار الذي يسبر ويقاس به الغور ونحوه، ولعلها الآلة التي يضبط بها استقامة الجدران واستواؤها من أعلاها إلى أسلفها.
3 إتحاف الورى 2/ 315.
فدخل إسحاق بن سلمة الكعبة في شعبان بعد قدومه مكة بأيام، ودخل معه العامل بمكة, وصاحب البريد, وجماعة من الحجبة, وناس من أهل مكة من صلحائهم من القرشيين، وجماعة من الصناع الذين قدم بهم معه, وأحضر منجنيقًا طويلا ألصقة إلى جانب الحدر الذي يقابل من دخل الكعبة, وصعد عليه إسحاق بن سلمة ومعه خيط وسابورة2، فأرسل الخيط من أعلى المنجنيق وهو قائم عليه، ثم نزل وفعل ذلك بجدراتها الأربعة فوجدها كأصح ما يكون من البناء وأحكمه, فسأل الحجبة: هل يجوز التكبير داخل الكعبة؟ فقالوا: نعم, فكبر وكبر من حضره داخل الكعبة وكبر الناس ممن في الطواف وغيرهم من خارجها، وخر من في داخل الكعبة جميعًا سجدًا لله وشكرًا، وقام إسحاق بن سلمة بين بابي الكعبة، فأشرف على الناس وقال: يأيها الناس, احمدوا الله تعالى على عمارة بيته، فإنا لم نجد فيه من الحدث مما كتب به إلى أمير المؤمنين شيئًا، بل وجدنا الكعبة وجدراتها وأحكام بنائها وإتقانها على أتقن ما يكون3.
وابتدأ إسحاق بن سلمة عمل الذهب والفضة والرخام في الدار المعروفة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 315.
2 السابورة: المسبار الذي يسبر ويقاس به الغور ونحوه، ولعلها الآلة التي يضبط بها استقامة الجدران واستواؤها من أعلاها إلى أسلفها.
3 إتحاف الورى 2/ 315.
ص
-240- بخالصة,
في دار الخزانة عند الخياطين1.
وصار إلى منى فأمر بعمل ضفيرة تتخذ ليرد سيل الجبل عن المسجد ودار الإمارة, فاتخذ هناك ضفيرة عريضة مرتفعة السمك وأحكمها بالحجارة والنورة والرماد, فصار ما ينحدر من السيل يتسرب في أصل الضفيرة من خارجها, ويخرج إلى الشارع الأعظم بمنى, ولا يدخل المسجد ولا دار الإمارة منه شيء, وصار ما بين الضفيرة والمسجد -وهو عن يسار الإمام- رفقًا للمسجد وزيادة في سعته, ثم هدم المسجد وما كان من دار الإمارة مستهدمًا وأعاد بناءه, ورم ما كان مسترما وأحكم العقبة وجدراتها, وأصلح الطريق التي سلكها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من منى إلى الشعب, ومعه العباس بن عبد المطلب الذي يقال له: شعب الأنصار, الذي أخذ فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيعة على الأنصار2.
وكانت هذه الطريق قد عفت ودرست, فكانت الجمرة زائلة عن موضعها، أزالها جهال الناس برميهم الحصا، وغفل عنها حتى أزيحت عن موضعها شيئًا يسيرًا منها من فوقها, فردها إلى موضعها الذي لم تزل عليه، وبنى من ورائها جدارًا أعلاه عليها, ومسجدًا متصلًا بذلك الجدار لئلا يصل إليها من يريد الرمي من أعلاها, وإنما السنة لمن أراد الرمي أن يقف من تحتها من بطن الوادي, فيجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه, ويرمي كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده، وفرغ من البرك وأحكم عملها3.
وعمل الفضة على كرسي المقام مكان الرصاص الذي عليه، واتخذ له قبة من خشب الساج مقبوة الرأس بضباب لها من حديد, ملبسة الداخل بالأدم, وكانت القبة قبل ذلك مسطحة4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 316.
2 إتحاف الورى 2/ 316.
3 إتحاف الورى 2/ 316, 317.
4 إتحاف الورى 2/ 317.
وصار إلى منى فأمر بعمل ضفيرة تتخذ ليرد سيل الجبل عن المسجد ودار الإمارة, فاتخذ هناك ضفيرة عريضة مرتفعة السمك وأحكمها بالحجارة والنورة والرماد, فصار ما ينحدر من السيل يتسرب في أصل الضفيرة من خارجها, ويخرج إلى الشارع الأعظم بمنى, ولا يدخل المسجد ولا دار الإمارة منه شيء, وصار ما بين الضفيرة والمسجد -وهو عن يسار الإمام- رفقًا للمسجد وزيادة في سعته, ثم هدم المسجد وما كان من دار الإمارة مستهدمًا وأعاد بناءه, ورم ما كان مسترما وأحكم العقبة وجدراتها, وأصلح الطريق التي سلكها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من منى إلى الشعب, ومعه العباس بن عبد المطلب الذي يقال له: شعب الأنصار, الذي أخذ فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- البيعة على الأنصار2.
وكانت هذه الطريق قد عفت ودرست, فكانت الجمرة زائلة عن موضعها، أزالها جهال الناس برميهم الحصا، وغفل عنها حتى أزيحت عن موضعها شيئًا يسيرًا منها من فوقها, فردها إلى موضعها الذي لم تزل عليه، وبنى من ورائها جدارًا أعلاه عليها, ومسجدًا متصلًا بذلك الجدار لئلا يصل إليها من يريد الرمي من أعلاها, وإنما السنة لمن أراد الرمي أن يقف من تحتها من بطن الوادي, فيجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه, ويرمي كما فعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من بعده، وفرغ من البرك وأحكم عملها3.
وعمل الفضة على كرسي المقام مكان الرصاص الذي عليه، واتخذ له قبة من خشب الساج مقبوة الرأس بضباب لها من حديد, ملبسة الداخل بالأدم, وكانت القبة قبل ذلك مسطحة4.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 316.
2 إتحاف الورى 2/ 316.
3 إتحاف الورى 2/ 316, 317.
4 إتحاف الورى 2/ 317.
ص
-241- وكان
العامل بمكة قد أمر بكتاب يقرأ لأمير المؤمنين، فجلس خلف المقام وأقام كاتبه قائمًا
على الصندوق يقرأ الكتاب فأعظم ذلك المسلمون إعظامًا شديدًا وأنكروه أشد النكرة،
وخاف الحجبة أن يعود لمثلها، فرفعوا في ذلك رقعة إلى أمير المؤمنين, فأمره أمير
المؤمنين أن يتخذ كرسيا يقرأ عليه الكتب, وأن ينزه المقام عن ذلك ويعظم1.
وعمل إسحاق الذهب على زاويتي الكعبة من داخلها مكان ما كان هنالك من الفضة ملبسًا، وكسر الذهب الذي كان على الزاويتين الباقيتين وأعاد عمله، فصار ذلك أجمع على مثال واحد منقوشة مؤلفة ناتئة، وعمل منطقة من فضة وركبها فوق إزار الكعبة في تربيعها كلها، منقوشة مؤلفة جليلة ناتئة يكون عرض المنطقة ثلثي ذراع, وعمل طوقًا من ذهب منقوش متصلًا بهذه المنطقة فركبه حول الجزعة التي تقابل من دخل من باب الكعبة فوق الطوق الذهب القديم الذي كان مركبًا حولها من عمل الوليد بن عبد الملك, وكره أن يقلع ذلك الطوق الأول لسبب تكسر خفي في الجزعة, فتركه على حاله لئلا يحدث في الجزعة حادث، وقلع الرخام المتزايل من جدرات الكعبة -وكان يسيرًا رخامتين أو ثلاثًا- وأعاد نصبه كلها بجص صنعاني كان كتب فيه إلى عامل صنعاء، فحمل إليه منه جص مطبوخ صحيح غير مدقوق اثنا عشر حملًا، فدقه ونخله وخلطه بماء زمزم ونصب به هذا الرخام، وفي أعلى هذه المنطقة الفضة رخام منقوش محفور فألبس ذلك الرخام ذهبًا رقيقًا من الذهب الذي يتخذ للسقوف, فصار كأنه سبيكة مضروبة عليه إلى موضع الفسيفساء الذي تحت سقف الكعبة, وغسل الفسيفساء بماء الورد وحماض الأترج2، ونقض ما كان من الأصباغ المزخرفة على السقف وعلى الإزار الذي دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 317.
2 كذا لدى ابن فهد في إتحاف الورى وهو ينقل عن المصنف. وفي الأصول: "الأترنج" والأترج: شجر يعلو ناعم الأغصان والورق الثمر، وثمره كالليمون الكبار، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة.
وعمل إسحاق الذهب على زاويتي الكعبة من داخلها مكان ما كان هنالك من الفضة ملبسًا، وكسر الذهب الذي كان على الزاويتين الباقيتين وأعاد عمله، فصار ذلك أجمع على مثال واحد منقوشة مؤلفة ناتئة، وعمل منطقة من فضة وركبها فوق إزار الكعبة في تربيعها كلها، منقوشة مؤلفة جليلة ناتئة يكون عرض المنطقة ثلثي ذراع, وعمل طوقًا من ذهب منقوش متصلًا بهذه المنطقة فركبه حول الجزعة التي تقابل من دخل من باب الكعبة فوق الطوق الذهب القديم الذي كان مركبًا حولها من عمل الوليد بن عبد الملك, وكره أن يقلع ذلك الطوق الأول لسبب تكسر خفي في الجزعة, فتركه على حاله لئلا يحدث في الجزعة حادث، وقلع الرخام المتزايل من جدرات الكعبة -وكان يسيرًا رخامتين أو ثلاثًا- وأعاد نصبه كلها بجص صنعاني كان كتب فيه إلى عامل صنعاء، فحمل إليه منه جص مطبوخ صحيح غير مدقوق اثنا عشر حملًا، فدقه ونخله وخلطه بماء زمزم ونصب به هذا الرخام، وفي أعلى هذه المنطقة الفضة رخام منقوش محفور فألبس ذلك الرخام ذهبًا رقيقًا من الذهب الذي يتخذ للسقوف, فصار كأنه سبيكة مضروبة عليه إلى موضع الفسيفساء الذي تحت سقف الكعبة, وغسل الفسيفساء بماء الورد وحماض الأترج2، ونقض ما كان من الأصباغ المزخرفة على السقف وعلى الإزار الذي دون
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 317.
2 كذا لدى ابن فهد في إتحاف الورى وهو ينقل عن المصنف. وفي الأصول: "الأترنج" والأترج: شجر يعلو ناعم الأغصان والورق الثمر، وثمره كالليمون الكبار، وهو ذهبي اللون، ذكي الرائحة.
ص
-242- السقف
فوق الفسيفساء, ثم ألبسها ثيابا قباطيا أخرجها إليه الحجبة مما عندهم في خزانة
الكعبة, وألبس تلك الثياب ذهبًا رقيقًا وزخرفه بالأصباغ1.
وكانت عتبة باب الكعبة السفلى قطعتين من خشب الساج قد رثتا ونخرتا من طول الزمان عليهما, فأخرجهما وصير مكانهما قطعة من خشب الساج وألبسها صفائح فضة من الفضة التي كانت في الزاويتين التي صير مكانهما ذهبًا, ولم يقلع في ذلك بابا الكعبة, وحرفا فأزيلا شيئًا يسيرًا وهما قائمان منصوبان, وكان في الجدر الذي في ظهر الباب يمنة من دخل الكعبة رزة وكلاب من صفر يشد به الباب إذا فتح بذلك الكلاب لئلا يتحرك عن موضعه, فقلع ذلك الصفر وصير مكانه فضة, وألبس ما حول باب الدرجة فضة مضروبة2.
وكان الرخام الذي قدم به معه إسحاق رخاما يسمى المسير, غير مشاكل لما كان على جدرات الكعبة من الرخام, فشقه وسواه, وقلع ما كان على جدرات المسجد الحرام في ظهر الصناديق التي يكون فيها طيب الكعبة وكسوتها من الرخام, وقلع الرخام الذي كان على جدر المسجد الذي بين باب الصفا وبين باب السمانين, واسم ذلك الرخام البذنجنا, ونصب الرخام المسير الذي جاء به مكانه على جدرات المسجد3.
وأنزل المعاليق المعلقة بين الأساطين ونفضها من الغبار وغسلها وجلاها, وألبس عمدها الحديد المعترضة بين الأساطين ذهبًا من الذهب الرقيق, وأعاد تعليقها في مواضعها على التأليف4.
وفرغ من ذلك أجمع ومن جميع الأعمال التي بمنى، يوم النصف من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 318, 319.
2 إتحاف الورى 2/ 319.
3 إتحاف الورى 2/ 319, 320.
4 إتحاف الورى 2/ 320.
وكانت عتبة باب الكعبة السفلى قطعتين من خشب الساج قد رثتا ونخرتا من طول الزمان عليهما, فأخرجهما وصير مكانهما قطعة من خشب الساج وألبسها صفائح فضة من الفضة التي كانت في الزاويتين التي صير مكانهما ذهبًا, ولم يقلع في ذلك بابا الكعبة, وحرفا فأزيلا شيئًا يسيرًا وهما قائمان منصوبان, وكان في الجدر الذي في ظهر الباب يمنة من دخل الكعبة رزة وكلاب من صفر يشد به الباب إذا فتح بذلك الكلاب لئلا يتحرك عن موضعه, فقلع ذلك الصفر وصير مكانه فضة, وألبس ما حول باب الدرجة فضة مضروبة2.
وكان الرخام الذي قدم به معه إسحاق رخاما يسمى المسير, غير مشاكل لما كان على جدرات الكعبة من الرخام, فشقه وسواه, وقلع ما كان على جدرات المسجد الحرام في ظهر الصناديق التي يكون فيها طيب الكعبة وكسوتها من الرخام, وقلع الرخام الذي كان على جدر المسجد الذي بين باب الصفا وبين باب السمانين, واسم ذلك الرخام البذنجنا, ونصب الرخام المسير الذي جاء به مكانه على جدرات المسجد3.
وأنزل المعاليق المعلقة بين الأساطين ونفضها من الغبار وغسلها وجلاها, وألبس عمدها الحديد المعترضة بين الأساطين ذهبًا من الذهب الرقيق, وأعاد تعليقها في مواضعها على التأليف4.
وفرغ من ذلك أجمع ومن جميع الأعمال التي بمنى، يوم النصف من
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 إتحاف الورى 2/ 318, 319.
2 إتحاف الورى 2/ 319.
3 إتحاف الورى 2/ 319, 320.
4 إتحاف الورى 2/ 320.
ص
-243- شعبان
سنة اثنتين وأربعين ومائتين، وأحضر الحجبة في ذلك اليوم أجزاء القرآن، وهم جماعة
فتفرقوها بينهم وإسحاق بن سلمة معهم حتى ختموا القرآن، وأحضروا ماء ورد ومسكًا
وعودًا وسكا مسحوقًا، فطيبوا به جدرات الكعبة وأرضها وأجافوا بابها عليهم عند
فراغهم من الختمة، فدعوا ودعا من حضر الطواف وضجوا بالتضرع والبكاء إلى الله -عز
وجل- ودعوا لأمير المؤمنين ولولاة عهود المسلمين ولأنفسهم ولجميع المسلمين، فكان
يومهم ذلك يومًا شريفًا حسنًا.
قال أبو الوليد: وأخبرني إسحاق بن سلمة الصائغ أن مبلغ ما كان في الأربع الزوايا من الذهب والطوق الذي حول الجزعة، نحو من ثمانية آلاف مثقال، وأن ما في منطقة الفضة وما كان على عتبة الباب السفلى من الصفائح وعلى كرسي المقام من الفضة، نحو من سبعين ألف درهم، وما ركب من الذهب الرقيق على جدرات الكعبة وسقفها، نحو من مائتي حق يكون في كل حق خمسة مثاقيل.
وخلط إسحاق بن سلمة ما بقي قبله مع هذا الجص الصنعاني, وما قلع من أرض الكعبة من الرخام المتكسر مما لا يصلح إعادته في شيء من العمل وثلاثة حقاق من هذا الذهب الرقيق وجراب فيه تراب مما قشر من جدرات الكعبة ومسامير فضة صغار قبل الحجبة، لما عسى أن يحتاجوا إليه لها، وانصرف بعد فراغه من الحج في آخر سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
قال أبو الوليد: وأخبرني إسحاق بن سلمة الصائغ أن مبلغ ما كان في الأربع الزوايا من الذهب والطوق الذي حول الجزعة، نحو من ثمانية آلاف مثقال، وأن ما في منطقة الفضة وما كان على عتبة الباب السفلى من الصفائح وعلى كرسي المقام من الفضة، نحو من سبعين ألف درهم، وما ركب من الذهب الرقيق على جدرات الكعبة وسقفها، نحو من مائتي حق يكون في كل حق خمسة مثاقيل.
وخلط إسحاق بن سلمة ما بقي قبله مع هذا الجص الصنعاني, وما قلع من أرض الكعبة من الرخام المتكسر مما لا يصلح إعادته في شيء من العمل وثلاثة حقاق من هذا الذهب الرقيق وجراب فيه تراب مما قشر من جدرات الكعبة ومسامير فضة صغار قبل الحجبة، لما عسى أن يحتاجوا إليه لها، وانصرف بعد فراغه من الحج في آخر سنة اثنتين وأربعين ومائتين.
صفة باب الكعبة:
وذرع طول باب الكعبة في السماء ستة أذرع وعشرة أصابع، وعرض ما بين جداريه ثلاثة أذرع وثماني عشرة إصبعًا، والجداران وعتبة الباب العليا
وذرع طول باب الكعبة في السماء ستة أذرع وعشرة أصابع، وعرض ما بين جداريه ثلاثة أذرع وثماني عشرة إصبعًا، والجداران وعتبة الباب العليا
ص
-244- ونجاف
الباب ملبس صفائح ذهب منقوش، وفي جدار عضادتي الباب أربع عشرة حلقة من حديد مموهة
بالفضة متفرقة, في كل جدار سبع حلق يشد بها جوف الباب من أستار الكعبة، وفي عتبة
باب الكعبة ثمانية عشر مسمارًا، منها أربعة على الباب، وأربعة عشر في وجه العتبة،
والمسامير حديد ملبسة ذهبًا مقبوة منقوشة تدوير حول كل مسمار سبع أصابع، وملبن باب
الكعبة الذي يطأ عليه من دخلها داخل في الجدر عشر أصابع، والملبن ساج ملبس صفائح
ذهب، وعرض وجه الملبن عشر أصابع، وعرض وجهه الآخر أربع أصابع, وفي الملبن من
المسامير ستة وأربعون مسمارًا، منها سبعة في أعلى الملبن وهي تلي العتبة، وفي
الجانب الأيمن تسعة عشر مسمارًا، وفي الجانب الأيسر عشرون مسمارًا، والمسامير مقبوة
ملبسة ذهبًا منقوشة، تدوير حول كل مسمار منها سبع أصابع، وذرع طول باب الكعبة في
السماء ستة أذرع وعشر أصابع, وهما مصراعان عرض كل مصراع ذراع وثماني عشرة أصبعًا,
وعود الباب ساج وغلظه ثلاث أصابع فإذا غلقا فعرضهما ثلاثة أذرع ونصف، وفي كل مصراع
ست عوارض، والعوارض من ساسم, وظهر الباب من داخل ملبس صفائح فضة.
وفي المصراع الأيمن من داخل غلق رومي, وأم الغلق ملبسة فضة وطول الغلق أربع عشرة إصبعًا.
وفي المصراع الأيسر حلقة فضة يكون فيها غلق الباب إذا غلق.
وفي الباب الأيسر سكرة ووجه الباب ملبس صفائح ذهب منقوشة وصفائح ساذج ما بين المسامير التي في العوارض صفائح مربعة منقوشة, في كل مصراع خمس صفائح, وتدوير حول الصفائح الساذج صفائح منقوشة.
وفي الباب الأيسر أنف الباب ملبسًا ذهبًا منقوشًا, طرفاه مربعان، وعلى الأنف كتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية [البقرة: 149]. محمد رسول الله.
وفي المصراع الأيمن من داخل غلق رومي, وأم الغلق ملبسة فضة وطول الغلق أربع عشرة إصبعًا.
وفي المصراع الأيسر حلقة فضة يكون فيها غلق الباب إذا غلق.
وفي الباب الأيسر سكرة ووجه الباب ملبس صفائح ذهب منقوشة وصفائح ساذج ما بين المسامير التي في العوارض صفائح مربعة منقوشة, في كل مصراع خمس صفائح, وتدوير حول الصفائح الساذج صفائح منقوشة.
وفي الباب الأيسر أنف الباب ملبسًا ذهبًا منقوشًا, طرفاه مربعان، وعلى الأنف كتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} الآية [البقرة: 149]. محمد رسول الله.
ص
-245- وعدد
المسامير مائتا مسمار, منها مائة كبار, منها في العوارض اثنان وسبعون مسمارًا, في
كل عارضة ستة مسامير، وفي كل مصارع عشرة مسامير، وبين كل عارضتين مسماران في طرفي
الباب, ومنها حول خرتة الباب التي يدخل فيها الرومي اثنا عشر مسمارًا صغارًا، ومنها
في المصراع الأيمن مسماران من فضة ساذج, مموهان تدوير حول كل مسمار ست أصابع,
وبينهما حاجز يفتح فيه الغلق الرومي الداخل وما بين المسامير تسع أصابع والمسامير
مقبوة ملبسة ذهبًا وهي منقوشة تدوير كل مسمار سبع أصابع, والمسامير الصغار التي في
المصراع الأيسر خمسون مسمارًا وهي مضروبة حول الصفائح المربعة المنقوشة التي بين
العوارض، حول كل صفيحة عشرة مسامير والمسامير ملبسة ذهبًا مقبوة منقوشة وهي على
صفائح ساذج, عرض الصفائح إصبعان كما يدور حول الصفيحة المنقوشة, ورجلا البابين
حديد, ملبسان ذهبًا وفي المصراعين سلوقيتان فضة مموهتان, وفي السلوقيتين لبنتان من
ذهب مربعتان, وفوق اللبنتين لبنتان صغيرتان, وفي طرف السلوقيتين حلقتا ذهب سعة كل
حلقة ثماني أصابع, وهما حلقتا قفل الباب وهما على ذراعين وستة عشر إصبعًا من
الباب.
باب صفة الشاذروان, وذرع الكعبة:
ذرع الكعبة من خارجها في السماء من البلاط المفروش حولها تسعة وعشرون ذراعًا وست عشرة إصبعًا, وطولها من الشاذروان سبعة وعشرون ذراعًا, وعدد حجارة الشاذروان التي حول الكعبة ثمانية وستون حجرًا في ثلاثة وجوه من ذلك, من حد الركن الغربي إلى الركن اليماني خمسة وعشرون حجرًا، منها حجر طوله ثلاثة أذرع ونصف وهو عتبة الباب الذي سد في ظهر الكعبة وبينه وبين الركن اليماني أربعة أذرع, وفي الركن اليماني
ذرع الكعبة من خارجها في السماء من البلاط المفروش حولها تسعة وعشرون ذراعًا وست عشرة إصبعًا, وطولها من الشاذروان سبعة وعشرون ذراعًا, وعدد حجارة الشاذروان التي حول الكعبة ثمانية وستون حجرًا في ثلاثة وجوه من ذلك, من حد الركن الغربي إلى الركن اليماني خمسة وعشرون حجرًا، منها حجر طوله ثلاثة أذرع ونصف وهو عتبة الباب الذي سد في ظهر الكعبة وبينه وبين الركن اليماني أربعة أذرع, وفي الركن اليماني
ص
-246- حجر
مدور، وبين الركن اليماني والركن الأسود تسعة عشر حجرًا, ومن حد الشاذروان إلى
الركن الذي فيه الحجر الأسود ثلاثة أذرع واثنا عشر إصبعًا ليس فيه شاذروان, ومن حد
الركن الشامي إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ثلاثة وعشرون حجرًا, ومن حد
الشاذروان الذي يلي الملتزم إلى الركن الذي فيه الحجر الأسود ذراعان ليس فيهما
شاذروان وهو الملتزم, وطول الشاذروان في السماء ستة عشر إصبعًا وعرضه ذراع وطول
درجة الكعبة التي يصعد عليها الناس إلى بطن الكعبة من خارج ثمانية أذرع ونصف وعرضها
ثلاثة أذرع ونصف, وفيها من الدرج ثلاث عشرة درجة وهي من خشب الساج.
ذكر الحجر:
حدثنا أبو محمد إسحاق بن أحمد الخزاعي, حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي, حدثنا سعيد بن سالم وعبد الرزاق بن همام قالا: حدثنا ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء بن خباب, قال أبو الوليد: وحدثني محمد بن يحيى, حدثنا هشام بن سليمان المخزومي, عن ابن جريج, عن عبد الله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء بن خباب أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وفد على عبد الملك بن مروان في خلافته فقال له عبد الملك: ما أظن أبا خبيب -يعني ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها, قال الحارث: أنا سمعته منها قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن قومك استقصروا في بناء البيت، ولولا حداثة عهد قومك بالكفر أعدت فيه ما تركوا منه" فأراها قريبًا من سبعة أذرع, وزاد الوليد بن عطاء بن خباب في الحديث: "وجعلت لها بابين موضوعين بالأرض شرقيا وغربيا, وهل تدرين لم كان
حدثنا أبو محمد إسحاق بن أحمد الخزاعي, حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي, حدثنا سعيد بن سالم وعبد الرزاق بن همام قالا: حدثنا ابن جريج قال: سمعت عبد الله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء بن خباب, قال أبو الوليد: وحدثني محمد بن يحيى, حدثنا هشام بن سليمان المخزومي, عن ابن جريج, عن عبد الله بن عبيد بن عمير والوليد بن عطاء بن خباب أن الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة وفد على عبد الملك بن مروان في خلافته فقال له عبد الملك: ما أظن أبا خبيب -يعني ابن الزبير- سمع من عائشة ما كان يزعم أنه سمع منها, قال الحارث: أنا سمعته منها قال: سمعتها تقول ماذا؟ قال: قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن قومك استقصروا في بناء البيت، ولولا حداثة عهد قومك بالكفر أعدت فيه ما تركوا منه" فأراها قريبًا من سبعة أذرع, وزاد الوليد بن عطاء بن خباب في الحديث: "وجعلت لها بابين موضوعين بالأرض شرقيا وغربيا, وهل تدرين لم كان
ص
-247- قومك
رفعوا بابها؟"
قالت: قلت: لا قال: "تعززا
لئلا يدخلها أحد إلا من أرادوا, فكان الرجل إذا كرهوا أن يدخلها يدعونه يرتقي حتى
إذا كاد يدخلها دفعوه فسقط"
قال عبد الملك: أنت سمعتها تقول هذا؟ قال: قلت: نعم قال: فنكت بعصاه ساعة ثم قال:
لوددت أني تركته وما تحمل.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن هشام بن عروة, عن عروة عن عائشة قالت: ما أبالي صليت في الحجر أو في الكعبة.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي, حدثنا الدراوردي, عن علقمة بن أبي علقمة, عن أبيه, عن عائشة أنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه, فأخذ رسول الله -صلى الله عليه سلم- بيدي فأدخلني الحجر فقال لي: "صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت, فإنما هو قطعة من البيت, ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت"1.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي, عن سفيان, عن هشام بن حجير قال: قال ابن عباس: الحجر من البيت.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي, عن خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومي قال: حدثني المبارك بن حسان الأنماطي قال: رأيت عمر بن عبد العزيز في الحجر فسمعته يقول: شكا إسماعيل -عليه السلام- إلى ربه -عز وجل- حر مكة, فأوحى الله تعالى إليه: "إني أفتح لك بابًا من الجنة في الحجر, يجري عليك منه الروح إلى يوم القيامة" وفي ذلك الموضع توفي، قال خالد: فيرون أن ذلك الموضع ما بين الميزاب إلى باب الحجر الغربي فيه قبره.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن خالد بن عبد الرحمن قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجامع اللطيف ص130.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا داود بن عبد الرحمن, عن هشام بن عروة, عن عروة عن عائشة قالت: ما أبالي صليت في الحجر أو في الكعبة.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعي, حدثنا الدراوردي, عن علقمة بن أبي علقمة, عن أبيه, عن عائشة أنها قالت: كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه, فأخذ رسول الله -صلى الله عليه سلم- بيدي فأدخلني الحجر فقال لي: "صلي في الحجر إذا أردت دخول البيت, فإنما هو قطعة من البيت, ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت"1.
حدثنا أبو الوليد حدثني جدي, عن سفيان, عن هشام بن حجير قال: قال ابن عباس: الحجر من البيت.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا جدي, عن خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن سلمة المخزومي قال: حدثني المبارك بن حسان الأنماطي قال: رأيت عمر بن عبد العزيز في الحجر فسمعته يقول: شكا إسماعيل -عليه السلام- إلى ربه -عز وجل- حر مكة, فأوحى الله تعالى إليه: "إني أفتح لك بابًا من الجنة في الحجر, يجري عليك منه الروح إلى يوم القيامة" وفي ذلك الموضع توفي، قال خالد: فيرون أن ذلك الموضع ما بين الميزاب إلى باب الحجر الغربي فيه قبره.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن خالد بن عبد الرحمن قال:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الجامع اللطيف ص130.
ص
-248- حدثني
الحارث بن أبي بكر الزهري, عن صفوان بن عبد الله بن صفوان الجمحي قال: حفر ابن
الزبير الحجر فوجد فيه سفطًا من حجارة خضر, فسأل قريشًا عنه فلم يجد عند أحد منهم
فيه علمًا قال: فأرسل إلى عبد الله بن صفوان فسأله فقال: هذا قبر إسماعيل -عليه
السلام- فلا تحركه قال: فتركه.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى قال: أخبرنا هشام بن سليمان المخزومي, عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه قال: دخل بين عائشة وبين أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر كلام, فحلف أن لا يكلمها فأرادته على أن يأتيها فأبى, فقيل لها: إن له ساعة من الليل يطوفها فرصدته بباب الحجر حتى إذا مر بها أخذت بثوبه فجذبته, فأدخلته الحجر ثم قالت له: فلان عبدي حر وفلان والذي أنا في بيته وجعلت تعتذر إليه وتحلف له.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى, حدثنا هشام بن سليمان المخزومي, عن أم كلثوم بنة أبي عوف أن عائشة سألت أن يفتح لها باب الكعبة ليلًا فأبى عليها شيبة بن عثمان, فقالت لأختها أم كلثوم بنة أبي بكر: انطلقي بنا حتى ندخل الكعبة, فدخلت الحجر.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي وإبراهيم بن محمد الشافعي, عن مسلم بن خالد الزنجي, عن ابن أبي نجيح قال: وجد في الحجر حجر مدفون مكتوب فيه: مبارك لأهلها في الماء واللبن, لا تزول حتى تزول أخشباها، وقال ابن إسحاق: كان قبر إسماعيل -عليه السلام- وقبر أمه هاجر في الحجر.
حدثنا أبو الوليد قال: وأخبرني محمد بن يحيى, عن أبيه أن أمير المؤمنين المنصور أبا جعفر حج وزياد بن عبيد الله الحارثي يومئذ أمير مكة, فطاف أبو جعفر ثم دعا زيادًا فقال: إني رأيت الحجر حجارته بادية فلا أصبحن حتى يستر جدار الحجر بالرخام, فدعا زياد بالعمال فعملوه على السرج قبل أن يصبح, وكان قبل ذلك مبنيًّا بحجارة بادية ليس عليها رخام, ثم كان المهدي بعد قد جدد رخامه.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى قال: أخبرنا هشام بن سليمان المخزومي, عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه قال: دخل بين عائشة وبين أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر كلام, فحلف أن لا يكلمها فأرادته على أن يأتيها فأبى, فقيل لها: إن له ساعة من الليل يطوفها فرصدته بباب الحجر حتى إذا مر بها أخذت بثوبه فجذبته, فأدخلته الحجر ثم قالت له: فلان عبدي حر وفلان والذي أنا في بيته وجعلت تعتذر إليه وتحلف له.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن يحيى, حدثنا هشام بن سليمان المخزومي, عن أم كلثوم بنة أبي عوف أن عائشة سألت أن يفتح لها باب الكعبة ليلًا فأبى عليها شيبة بن عثمان, فقالت لأختها أم كلثوم بنة أبي بكر: انطلقي بنا حتى ندخل الكعبة, فدخلت الحجر.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي وإبراهيم بن محمد الشافعي, عن مسلم بن خالد الزنجي, عن ابن أبي نجيح قال: وجد في الحجر حجر مدفون مكتوب فيه: مبارك لأهلها في الماء واللبن, لا تزول حتى تزول أخشباها، وقال ابن إسحاق: كان قبر إسماعيل -عليه السلام- وقبر أمه هاجر في الحجر.
حدثنا أبو الوليد قال: وأخبرني محمد بن يحيى, عن أبيه أن أمير المؤمنين المنصور أبا جعفر حج وزياد بن عبيد الله الحارثي يومئذ أمير مكة, فطاف أبو جعفر ثم دعا زيادًا فقال: إني رأيت الحجر حجارته بادية فلا أصبحن حتى يستر جدار الحجر بالرخام, فدعا زياد بالعمال فعملوه على السرج قبل أن يصبح, وكان قبل ذلك مبنيًّا بحجارة بادية ليس عليها رخام, ثم كان المهدي بعد قد جدد رخامه.
ص
-249- حدثنا
أبو الوليد قال: وأخبرني محمد بن يحيى, عن أبيه قال: ثم رأيت جعفر بن سليمان بن علي
وهو أمير مكة والمدينة في سنة إحدى وستين ومائة بلط بطن الحجر بالرخام, وذلك عام
زاد المهدي في المسجد الحرام زيادته الأولى وشرع أبواب المسجد على المسعى, قال أبو
محمد الخزاعي: أنا أدركت هذا الرخام الذي عمله وكان رخامًا أبيض وأخضر وأحمر مزورا
بثوابير صغار, ومداخلا بعضه في بعض أحسن من هذا العمل, ثم تكسر فجدده أبو العباس
عبد الله بن محمد بن داود بن عيسى وهو أمير مكة في سنة إحدى وأربعين ومائتين, ثم
جدد بعد ذلك في سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
الجلوس في الحجر, وما جاء في ذلك:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم, عن ابن جريج قال: كنا جلوسًا مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله وعلي بن عبد الله بن عباس في الطواف وخلفه ابنه محمد بن علي فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما, فقال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس؟ ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة، وأنا في المسجد الحرام طالعًا من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه ابن عباس, ولقد رأيتنا جلوسًا معه في الحجر إذ أتاه شيخ قديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه, فقال الشيخ لبعض من في المجلس: من هذا الفتى؟ فقالوا: هذا عبد الله بن العباس بن عبد المطلب, فقال الشيخ: سبحان الذي مسخ حسن عبد المطلب إلى ما أرى، فقال عطاء: سمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة وأحسن الناس وجهًا, ما رآه قط شيء إلا أحبه, وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره ولا
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي عن سعيد بن سالم, عن ابن جريج قال: كنا جلوسًا مع عطاء بن أبي رباح في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس وفضله وعلي بن عبد الله بن عباس في الطواف وخلفه ابنه محمد بن علي فعجبنا من تمام قامتهما وحسن وجوههما, فقال عطاء: وأين حسنهما من حسن عبد الله بن عباس؟ ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة، وأنا في المسجد الحرام طالعًا من جبل أبي قبيس إلا ذكرت وجه ابن عباس, ولقد رأيتنا جلوسًا معه في الحجر إذ أتاه شيخ قديم بدوي من هذيل يهدج على عصاه فسأله عن مسألة فأجابه, فقال الشيخ لبعض من في المجلس: من هذا الفتى؟ فقالوا: هذا عبد الله بن العباس بن عبد المطلب, فقال الشيخ: سبحان الذي مسخ حسن عبد المطلب إلى ما أرى، فقال عطاء: سمعت ابن عباس يقول: سمعت أبي يقول: كان عبد المطلب أطول الناس قامة وأحسن الناس وجهًا, ما رآه قط شيء إلا أحبه, وكان له مفرش في الحجر لا يجلس عليه غيره ولا
ص
-250- يجلس
معه عليه أحد, وكان الندي من قريش حرب بن أمية فمن دونه يجلسون حوله دون المفرش,
فجاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو غلام يدرج ليجلس على المفرش فجذبوه فبكى,
فقال عبد المطلب, وذلك بعدما حجب بصره: ما لابني يبكي؟ قالوا له: إنه أراد أن يجلس
على المفرش فمنعوه, فقال عبد المطلب: دعوا ابني, فإنه يحس بشرف أرجو أن يبلغ من
الشرف ما لم يبلغ عربي قط، قال: وتوفي عبد المطلب والنبي -صلى الله عليه وسلم- ابن
ثماني سنين, وكان خلف جنازته يبكي حتى دفن بالحجون.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن ابن جريج, عن ابن أبي مليكة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لو كان عندي سعة قدمت في البيت من الحجر أذرعًا, وفتحت له بابًا آخر يخرج الناس منه".
حدثنا أبو الوليد, حدثنا سعيد بن منصور, حدثنا خالد بن عبد الله, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير أن عائشة سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفتح لها الباب ليلًا, فجاء عثمان بن طلحة بالمفتاح إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله, إنها لم تفتح بليل قط قال: "فلا تفتحها" ثم قال لعائشة: "إن قومك لما بنوا البيت قصرت بهم النفقة, فتركوا بعض البيت في الحجر, فادخلي الحجر فصلي فيه".
حدثنا أبو الوليد, حدثنا سعيد بن منصور, حدثنا عتاب, عن خصيف, عن مجاهد قال: جاءت عائشة فدخلت البيت في ستاره ومعها نسوة, فأغلقت الحجبة البيت دون النساء فجعلن ينادين: يا أم المؤمنين قال مجاهد: فسمعت عائشة تقول: عليكن بالحجر, فإنه من البيت.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن ابن عيينة, عن إبراهيم بن ميسرة قال: تذاكروا المهدي عند طاوس وهو جالس في الحجر فقلت: يا أبا عبد الرحمن, أهو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لا، إنه لم يستكمل العدل
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن ابن جريج, عن ابن أبي مليكة أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لو كان عندي سعة قدمت في البيت من الحجر أذرعًا, وفتحت له بابًا آخر يخرج الناس منه".
حدثنا أبو الوليد, حدثنا سعيد بن منصور, حدثنا خالد بن عبد الله, عن عطاء بن السائب, عن سعيد بن جبير أن عائشة سألت النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يفتح لها الباب ليلًا, فجاء عثمان بن طلحة بالمفتاح إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله, إنها لم تفتح بليل قط قال: "فلا تفتحها" ثم قال لعائشة: "إن قومك لما بنوا البيت قصرت بهم النفقة, فتركوا بعض البيت في الحجر, فادخلي الحجر فصلي فيه".
حدثنا أبو الوليد, حدثنا سعيد بن منصور, حدثنا عتاب, عن خصيف, عن مجاهد قال: جاءت عائشة فدخلت البيت في ستاره ومعها نسوة, فأغلقت الحجبة البيت دون النساء فجعلن ينادين: يا أم المؤمنين قال مجاهد: فسمعت عائشة تقول: عليكن بالحجر, فإنه من البيت.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن ابن عيينة, عن إبراهيم بن ميسرة قال: تذاكروا المهدي عند طاوس وهو جالس في الحجر فقلت: يا أبا عبد الرحمن, أهو عمر بن عبد العزيز؟ فقال: لا، إنه لم يستكمل العدل
ص
-251- وإن
ذلك إذا كان زيد المحسن في إحسانه, وحط عن المسيء من إساءته, ولوددت أني أدركته
وعلامته كذا وكذا.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي: حدثنا ابن عيينة, حدثنا الوليد بن كثير, عن ابن ثدرس, عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قالت: لما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] جاءت أم جميل بنت حرب بن أمية امرأة أبي لهب ولها ولولة وفي يدها فهر, فدخلت المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في الحجر ومعه أبو بكر -رضي الله عنه- فأقبلت وهي تلملم الفهر في يدها وتقول: مذممًا أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا، قالت: فقال أبو بكر -رضي الله عنه: يا رسول الله هذه أم جميل وأنا أخشى عليك منها, وهي امرأة, فلو قمت، فقال: "إنها لن تراني" وقرأ قرآنًا اعتصم به، ثم قرأ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] قلت: فجاءت حتى وقفت على أبي بكر -رضي الله عنه- وهو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم تره فقالت: يا أبا بكر فأين صاحبك؟ قال: الساعة كان ههنا قالت: إنه ذكر لي أنه هجاني, وايم الله إني لشاعرة وإن زوجي لشاعر, ولقد علمت قريش أني بنت سيدها، قال سفيان: قال الوليد في حديثه: فدخلت الطواف فعثرت في مرطها فقالت: نفس مذمم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "ألا ترى يا أبا بكر ما يدفع الله تعالى به عني من شتم قريش, يسمونني مذممًا وأنا محمد" فقالت لها أم حكيم بنة عبد المطلب: مهلًا يا أم جميل، إني لحصان فما أكلم، وثقاف فما أعلم, وكلتانا من بني العم، ثم قريش بعد أعلم.
قال أبو الوليد: فلم يزل رخام الحجر الذي عمله المهدي بعد عمل أبي جعفر أمير المؤمنين على حاله, وكان سيله يخرج من تحت الأحجار التي على بابها الغربي حتى رث في خلافة المتوكل على الله جعفر أمير المؤمنين فقلع في سنة إحدى وأربعين ومائتين, وألبس رخامًا حسنًا قلع من جوانب المسجد الحرام من الشق الذي يلي باب العجلة إلى باب دار عمرو بن
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي: حدثنا ابن عيينة, حدثنا الوليد بن كثير, عن ابن ثدرس, عن أسماء بنت أبي بكر الصديق -رضي الله عنه- قالت: لما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} [المسد: 1] جاءت أم جميل بنت حرب بن أمية امرأة أبي لهب ولها ولولة وفي يدها فهر, فدخلت المسجد ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- جالس في الحجر ومعه أبو بكر -رضي الله عنه- فأقبلت وهي تلملم الفهر في يدها وتقول: مذممًا أبينا، ودينه قلينا، وأمره عصينا، قالت: فقال أبو بكر -رضي الله عنه: يا رسول الله هذه أم جميل وأنا أخشى عليك منها, وهي امرأة, فلو قمت، فقال: "إنها لن تراني" وقرأ قرآنًا اعتصم به، ثم قرأ: {وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا} [الإسراء: 45] قلت: فجاءت حتى وقفت على أبي بكر -رضي الله عنه- وهو مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ولم تره فقالت: يا أبا بكر فأين صاحبك؟ قال: الساعة كان ههنا قالت: إنه ذكر لي أنه هجاني, وايم الله إني لشاعرة وإن زوجي لشاعر, ولقد علمت قريش أني بنت سيدها، قال سفيان: قال الوليد في حديثه: فدخلت الطواف فعثرت في مرطها فقالت: نفس مذمم، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: "ألا ترى يا أبا بكر ما يدفع الله تعالى به عني من شتم قريش, يسمونني مذممًا وأنا محمد" فقالت لها أم حكيم بنة عبد المطلب: مهلًا يا أم جميل، إني لحصان فما أكلم، وثقاف فما أعلم, وكلتانا من بني العم، ثم قريش بعد أعلم.
قال أبو الوليد: فلم يزل رخام الحجر الذي عمله المهدي بعد عمل أبي جعفر أمير المؤمنين على حاله, وكان سيله يخرج من تحت الأحجار التي على بابها الغربي حتى رث في خلافة المتوكل على الله جعفر أمير المؤمنين فقلع في سنة إحدى وأربعين ومائتين, وألبس رخامًا حسنًا قلع من جوانب المسجد الحرام من الشق الذي يلي باب العجلة إلى باب دار عمرو بن
ص
-252- العاص،
ومما يلي أبواب بني مخزوم والباب الذي مقابل دار عبد الله بن جدعان.
وكان عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن محمد الهاشمي أمر أن يقلع له لوح من رخام الحجر يسجد عليه فقلع له في الموسم, فأرسل أحمد بن طريف مولى العباس بن محمد الهاشمي برخامتين خضراوين من مصر هدية للحجر مكان ذلك اللوح, وهي الرخامة الخضراء على سطح جدار الحجر مقابل الميزاب على هيئة الزورق, والرخامة الأخرى هي الرخامة الخضراء التي تحت الميزاب تلي جدر الكعبة, فجعلتا في هذين الموضعين, وهما من أحسن رخام في المسجد خضرة.
قال أبو محمد الخزاعي: ثم حولت التي كانت على ظهر الحجر, فجعلت تحت الميزاب مقابل الميزاب أمام الرخامتين اللتين على هيئة المحراب, في سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
وكان عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن محمد الهاشمي أمر أن يقلع له لوح من رخام الحجر يسجد عليه فقلع له في الموسم, فأرسل أحمد بن طريف مولى العباس بن محمد الهاشمي برخامتين خضراوين من مصر هدية للحجر مكان ذلك اللوح, وهي الرخامة الخضراء على سطح جدار الحجر مقابل الميزاب على هيئة الزورق, والرخامة الأخرى هي الرخامة الخضراء التي تحت الميزاب تلي جدر الكعبة, فجعلتا في هذين الموضعين, وهما من أحسن رخام في المسجد خضرة.
قال أبو محمد الخزاعي: ثم حولت التي كانت على ظهر الحجر, فجعلت تحت الميزاب مقابل الميزاب أمام الرخامتين اللتين على هيئة المحراب, في سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
ما جاء في الدعاء, والصلاة عند مثعب الكعبة:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن عطاء بن أبي رباح قال: من قام تحت مثعب الكعبة فدعا استجيب له, وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه1.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا عيسى بن يونس السبيعي, حدثنا عنبسة بن سعيد الرازي, عن إبراهيم بن عبد الله الخاطبي, عن عطاء عن ابن عباس قال: صلوا في مصلى الأخيار، واشربوا من شراب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 شفاء الغرام 1/ 349.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن عطاء بن أبي رباح قال: من قام تحت مثعب الكعبة فدعا استجيب له, وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه1.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, حدثنا عيسى بن يونس السبيعي, حدثنا عنبسة بن سعيد الرازي, عن إبراهيم بن عبد الله الخاطبي, عن عطاء عن ابن عباس قال: صلوا في مصلى الأخيار، واشربوا من شراب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 شفاء الغرام 1/ 349.
ص
-253- الأبرار.
قيل لابن عباس: ما مصلى الأخيار؟ قال: تحت الميزاب، قيل: وما شراب الأبرار؟ قال:
ماء زمزم.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا محمد بن سليم, حدثنا الزنجي مسلم بن خالد, عن ابن جريج, عن عطاء أنه قال: من قام تحت ميزاب الكعبة فدعا استجيب له, وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن أبي عمر, قال: حدثنا بشر بن السري, عن حماد بن سلمة قال: حدثتني أم شيبة قالت: سمعت أم عمرو امرأة الزبير تقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: أعزم بالله على امرأة صلت في الحجر.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا محمد بن أبي عمر المكي, حدثنا بشر بن السري, عن حماد بن سلمة, عن عطاء بن السائب قال: رأيت سعيد بن جبير يطوف, فإذا دخل الحجر وضع نعليه على جدر الحجر. حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن جعفر بن محمد, عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حاذى ميزاب الكعبة وهو في الطواف يقول: "اللهم إني أسألك الراحة عند الموت, والعفو عند الحساب".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني مسافع بن عبد الرحمن الحجبي, حدثنا بشر بن السري, عن أيمن بن نابل1، قال: رقدت في الحجر فركضني سعيد بن جبير وقال: مثلك يرقد في هذا المكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بنون وموحدة قيده ابن حجر في التقريب ص56, وتحرف في الأصول إلى: "نايل" بالياء المثناة.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا محمد بن سليم, حدثنا الزنجي مسلم بن خالد, عن ابن جريج, عن عطاء أنه قال: من قام تحت ميزاب الكعبة فدعا استجيب له, وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه.
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني محمد بن أبي عمر, قال: حدثنا بشر بن السري, عن حماد بن سلمة قال: حدثتني أم شيبة قالت: سمعت أم عمرو امرأة الزبير تقول: سمعت عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول: أعزم بالله على امرأة صلت في الحجر.
حدثنا أبو الوليد, حدثنا محمد بن أبي عمر المكي, حدثنا بشر بن السري, عن حماد بن سلمة, عن عطاء بن السائب قال: رأيت سعيد بن جبير يطوف, فإذا دخل الحجر وضع نعليه على جدر الحجر. حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن جعفر بن محمد, عن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا حاذى ميزاب الكعبة وهو في الطواف يقول: "اللهم إني أسألك الراحة عند الموت, والعفو عند الحساب".
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني مسافع بن عبد الرحمن الحجبي, حدثنا بشر بن السري, عن أيمن بن نابل1، قال: رقدت في الحجر فركضني سعيد بن جبير وقال: مثلك يرقد في هذا المكان.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 بنون وموحدة قيده ابن حجر في التقريب ص56, وتحرف في الأصول إلى: "نايل" بالياء المثناة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق