مسير
تبع إلى مكة شرفها الله تعالى:
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج قال: أخبرني ابن إسحاق قال: سار تبع الأول إلى الكعبة وأراد هدمها وتخريبها, وخزاعة يومئذ تلي البيت وأمر مكة، فقامت خزاعة دونه وقاتلت عنه أشد القتال, حتى رجع ثم تبع آخر فكذلك.
وأما التبابعة الذين أرادوا هدم الكعبة وتخريبها ثلاثة, وقد كان قبل ذلك منهم من يسير في البلاد فإذا دخل مكة عظم الحرم والبيت, وأما التبع الثالث الذي أراد هدم البيت فإنما كان في أول زمان قريش.
قال: وكان سبب خروجه ومسيره إليه أن قومًا من هذيل من بني لحيان جاءوه فقالوا: إن بمكة بيتًا تعظمه العرب جميعًا وتفد إليه وتنحر عنده وتحجه وتعتمره، وإن قريشًا تليه فقد حازت شرفه وذكره, وأنت أولى أن يكون ذلك البيت وشرفه وذكره لك؛ فلو سرت إليه وخربته وبنيت عندك بيتًا ثم صرفت حاج العرب إليه, كنت أحق به منهم.
قال: فأجمع المسير إليه.
حدثني جدي, قال: حدثنا سفيان بن عيينة, عن موسى بن عيسى المديني قال: لما كان تبع بالدف من جمدان بين أمج وعسفان, دفت بهم دوابهم وأظلمت الأرض عليهم, فدعا أحبارًا كانوا معه من أهل الكتاب فسألهم فقالوا: هل
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج قال: أخبرني ابن إسحاق قال: سار تبع الأول إلى الكعبة وأراد هدمها وتخريبها, وخزاعة يومئذ تلي البيت وأمر مكة، فقامت خزاعة دونه وقاتلت عنه أشد القتال, حتى رجع ثم تبع آخر فكذلك.
وأما التبابعة الذين أرادوا هدم الكعبة وتخريبها ثلاثة, وقد كان قبل ذلك منهم من يسير في البلاد فإذا دخل مكة عظم الحرم والبيت, وأما التبع الثالث الذي أراد هدم البيت فإنما كان في أول زمان قريش.
قال: وكان سبب خروجه ومسيره إليه أن قومًا من هذيل من بني لحيان جاءوه فقالوا: إن بمكة بيتًا تعظمه العرب جميعًا وتفد إليه وتنحر عنده وتحجه وتعتمره، وإن قريشًا تليه فقد حازت شرفه وذكره, وأنت أولى أن يكون ذلك البيت وشرفه وذكره لك؛ فلو سرت إليه وخربته وبنيت عندك بيتًا ثم صرفت حاج العرب إليه, كنت أحق به منهم.
قال: فأجمع المسير إليه.
حدثني جدي, قال: حدثنا سفيان بن عيينة, عن موسى بن عيسى المديني قال: لما كان تبع بالدف من جمدان بين أمج وعسفان, دفت بهم دوابهم وأظلمت الأرض عليهم, فدعا أحبارًا كانوا معه من أهل الكتاب فسألهم فقالوا: هل
ص
-101- هممت
لهذا البيت بشيء؟ قال: أردت أن أهدمه, قالوا: فانو له خيرًا, أن تكسوه وتنحر عنده,
ففعل فانجلت عنهم الظلمة, وإنما سمي الدف من أجل ذلك.
ثم رجع إلى حديث ابن إسحاق قال: فسار حتى إذا كان بالدف من جمدان بين أمج وعسفان دفت بهم الأرض وغشيتهم ظلمة شديدة وريح، فدعا أحبارًا كانوا معه من أهل الكتاب فسألهم فقالوا: هل هممت لهذا البيت بسوء؟ فأخبرهم بما قال له الهذليون وبما أراد أن يفعل, فقالت الأحبار: والله ما أرادوا إلا هلاكك وهلاك قومك, إن هذا بيت الله الحرام ولم يرده أحد قط بسوء إلا هلك. قال: فما الحيلة؟ قالوا: تنوي له خيرًا, أن تعظمه وتكسوه وتنحر عنده وتحسن إلى أهله ففعل, فانجلت عنهم الظلمة وسكنت الريح وانطلقت بهم ركابهم ودوابهم، فأمر تبع بالهذليين فضربت أعناقهم وصلبهم، وإنما كانوا فعلوا ذلك حسدًا لقريش على ولايتهم البيت.
ثم سار تبع حتى قدم مكة فكان سلاحه بقعيقعان فيقال: فبذلك سمي قعيقعان وكانت خيله بأجياد, ويقال: إنما سميت أجياد أجيادًا بجياد خيل تبع؛ وكانت مطابخه في الشعب الذي يقال له: شعب عبد الله بن عامر بن كريز؛ فلذلك سمي الشعب المطابخ.
فأقام بمكة أيامًا ينحر في كل يوم مائة بدنة لا يرزأ هو ولا أحد ممن في عسكره منها شيئًا يردها الناس فيأخذون منها حاجتهم، ثم تقع الطير فتأكل، ثم تنتابها السباع إذا أمست لا يصد عنها1 شيء من الأشياء إنسان ولا طائر ولا سبع, يفعل ذلك كل يوم مقامه أجمع, ثم كسا البيت كسوة كاملة، كساه العصب وجعل له بابًا يغلق بضبة فارسية.
قال ابن جريج: كان تبع أول من كسا البيت كسوة كاملة, أُري في المنام أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في ب. وفي أ: "لا يصدعها".
ثم رجع إلى حديث ابن إسحاق قال: فسار حتى إذا كان بالدف من جمدان بين أمج وعسفان دفت بهم الأرض وغشيتهم ظلمة شديدة وريح، فدعا أحبارًا كانوا معه من أهل الكتاب فسألهم فقالوا: هل هممت لهذا البيت بسوء؟ فأخبرهم بما قال له الهذليون وبما أراد أن يفعل, فقالت الأحبار: والله ما أرادوا إلا هلاكك وهلاك قومك, إن هذا بيت الله الحرام ولم يرده أحد قط بسوء إلا هلك. قال: فما الحيلة؟ قالوا: تنوي له خيرًا, أن تعظمه وتكسوه وتنحر عنده وتحسن إلى أهله ففعل, فانجلت عنهم الظلمة وسكنت الريح وانطلقت بهم ركابهم ودوابهم، فأمر تبع بالهذليين فضربت أعناقهم وصلبهم، وإنما كانوا فعلوا ذلك حسدًا لقريش على ولايتهم البيت.
ثم سار تبع حتى قدم مكة فكان سلاحه بقعيقعان فيقال: فبذلك سمي قعيقعان وكانت خيله بأجياد, ويقال: إنما سميت أجياد أجيادًا بجياد خيل تبع؛ وكانت مطابخه في الشعب الذي يقال له: شعب عبد الله بن عامر بن كريز؛ فلذلك سمي الشعب المطابخ.
فأقام بمكة أيامًا ينحر في كل يوم مائة بدنة لا يرزأ هو ولا أحد ممن في عسكره منها شيئًا يردها الناس فيأخذون منها حاجتهم، ثم تقع الطير فتأكل، ثم تنتابها السباع إذا أمست لا يصد عنها1 شيء من الأشياء إنسان ولا طائر ولا سبع, يفعل ذلك كل يوم مقامه أجمع, ثم كسا البيت كسوة كاملة، كساه العصب وجعل له بابًا يغلق بضبة فارسية.
قال ابن جريج: كان تبع أول من كسا البيت كسوة كاملة, أُري في المنام أن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في ب. وفي أ: "لا يصدعها".
ص
-102- يكسوها
فكساها الأنطاع، ثم أُري أن يكسوها فكساها الوصائل ثيابا حبرة من عصب اليمن، وجعل
لها بابًا يغلق، ولم يكن يغلق قبل ذلك1.
وقال تبع في ذلك, وفي مسيره شعرًا:
وقال تبع في ذلك, وفي مسيره شعرًا:
وكسونا
البيت الذي حرم اللّـ
ـه
ملاء معصبا وبرودا
وأقمنا
به من الشهر عشرًا
وجعلنا
لبابه إقليدا
وخرجنا
منه نؤم سهيلا
فرفعنا2
لواءنا معقودا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 الروض الأنف 1/ 80.
2 كذا في الأصل، ومثله في أ، والروض الأنف 1/ 85، وابن هشام 13/ 30, وفي ب: "قد رفعنا".
ذكر مبتدأ حديث الفيل:
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن محمد بن إسحاق قال: كان من حديث الفيل فيما ذكر بعض أهل مكة عن سعيد بن جبير, وعكرمة، عن ابن عباس، وعمن لقي من علماء أهل اليمن وكان جل الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن ملكًا من ملوك حمير يقال له: زرعة ذو نواس1 وكان قد تهود واستجمعت معه حمير على ذلك إلا ما كان من أهل نجران, وهم من أشلاء سبأ فإنهم كانوا على دين النصرانية على أصل حكم الإنجيل وبقايا من دين الحواريين.
ولهم رأس يقال له: عبد الله بن ثامر، فدعاهم ذو نواس إلى اليهودية فأبوا, فخيرهم فاختاروا القتل, فخد لهم أخدودًا وصنف لهم القتل؛ فمنهم من قتل صبرًا، ومنهم من أوقد له النار في الأخدود فألقاه في النار إلا رجلًا من سبأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في ب، والروض الأنف. وفي أ: "النواس".
حدثنا أبو الوليد, قال: حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, عن محمد بن إسحاق قال: كان من حديث الفيل فيما ذكر بعض أهل مكة عن سعيد بن جبير, وعكرمة، عن ابن عباس، وعمن لقي من علماء أهل اليمن وكان جل الحديث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن ملكًا من ملوك حمير يقال له: زرعة ذو نواس1 وكان قد تهود واستجمعت معه حمير على ذلك إلا ما كان من أهل نجران, وهم من أشلاء سبأ فإنهم كانوا على دين النصرانية على أصل حكم الإنجيل وبقايا من دين الحواريين.
ولهم رأس يقال له: عبد الله بن ثامر، فدعاهم ذو نواس إلى اليهودية فأبوا, فخيرهم فاختاروا القتل, فخد لهم أخدودًا وصنف لهم القتل؛ فمنهم من قتل صبرًا، ومنهم من أوقد له النار في الأخدود فألقاه في النار إلا رجلًا من سبأ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ومثله في ب، والروض الأنف. وفي أ: "النواس".
ص
-103- يقال
له: دوس بن ذي ثعلبان، فذهب على فرس له يركض حتى أعجزهم في الرمل, فأتى قيصر فذكر
له ما بلغ منهم واستنصره, فقال له: بعدت بلادك عنا, ولكن سأكتب لك إلى ملك الحبشة,
فإنه على ديننا فينصرك.
فكتب له إلى النجاشي يأمره بنصره، فلما قدم على النجاشي بعث معه رجلًا من الحبشة يقال له: أرياط وقال: إن دخلت اليمن فاقتل ثلث رجالها، وأخرب ثلث بلادها.
فلما دخلوا أرض اليمن تناوشوا شيئًا من قتال ثم ظهر عليهم أرياط, وخرج زرعة ذو نواس على فرسه فاستعرض به البحر حتى لجج به فماتا في البحر, وكان آخر العهد به, فدخلها أرياط فعمل ما أمر به النجاشي، فقال قائل من أهل اليمن في ذلك مثلًا يضربه: لا كدوس, ولا كأعلاق رحله.
وقال ذو جدن فيما أصاب أهل اليمن, وما نزل بهم1:
فكتب له إلى النجاشي يأمره بنصره، فلما قدم على النجاشي بعث معه رجلًا من الحبشة يقال له: أرياط وقال: إن دخلت اليمن فاقتل ثلث رجالها، وأخرب ثلث بلادها.
فلما دخلوا أرض اليمن تناوشوا شيئًا من قتال ثم ظهر عليهم أرياط, وخرج زرعة ذو نواس على فرسه فاستعرض به البحر حتى لجج به فماتا في البحر, وكان آخر العهد به, فدخلها أرياط فعمل ما أمر به النجاشي، فقال قائل من أهل اليمن في ذلك مثلًا يضربه: لا كدوس, ولا كأعلاق رحله.
وقال ذو جدن فيما أصاب أهل اليمن, وما نزل بهم1:
دعيني
لا أبا لك لن تطيقي
لحاك
اللّه قد أنزفت ريقي
لدى
عزف القيان إذا انتشينا
وإذ
نسقى من الخمر الرحيق
وشرب
الخمر ليس علي عار
إذا
لم يشكنى فيها رفيقي
وغمدان
الذي نبيت عنه
بنوه
مسمكًا في رأس نيق
مصابيح
السليط يلحن فيه
إذا
يمسي كتوماض2 البروق
فأصبح
بعد جدته رمادًا
وغير
حسنه لهب الحريق
وأسلم
ذو نواس مستميتا
وحذر
قومه ضنك المضيق
وقال
ذو جدن أيضًا3:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن هشام 1/ 38.
2 كذا في "ب" وابن هشام, وفي الأصل أ: "كتيماض".
3 ابن هشام 1/ 38.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ابن هشام 1/ 38.
2 كذا في "ب" وابن هشام, وفي الأصل أ: "كتيماض".
3 ابن هشام 1/ 38.
ص
-104- هونكما1
لن يرد الدمع ما فاتا
لا
تهلكي أسفًا في إثر من ماتا
أبعد
بينون لا عين ولا أثر
وبعد
سلحين يبني الناس أبياتا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصول، ولدى ابن هشام: "هونك" وهونكما من باب قول العرب للواحد: افعلا، وهو كثير في القرآن الكريم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق