الأحد، 25 نوفمبر 2012

"سنة الطواف":

         "سنة الطواف":
حدثني جدي قال: حدثنا سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج، قال: حدثني موسى بن عبيد, عن محمد بن المنكدر قال: كان أول شيء عمله آدم -عليه السلام- حين أهبط من السماء, طاف بالبيت فلقيته الملائكة فقالوا: بر نسكك يا آدم, طفنا بهذا البيت قبلك بألفي سنة.
حدثني جدي, عن سفيان بن عيينة, عن الحرام بن أبي لبيد المدني قال: حج آدم -عليه السلام- فلقيته الملائكة فقالوا: يا آدم بر حجك, قد حججنا قبلك بألفي عام.
حدثني جدي عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج, قال: أخبرني سعيد أن آدم عليه السلام حج على رجليه سبعين حجة ماشيًا، وأن الملائكة لقيته بالمأزمين فقالوا: بر حجك يا آدم, أما إنا قد حججنا قبلك بألفي عام.
حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن طلحة بن عمرو الحضرمي, عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس -رضي الله عنه- قال: حج آدم عليه السلام وطاف بالبيت سبعًا, فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا: بر حجك يا آدم, أما إنا قد حججنا قبلك هذا البيت بألفي عام, قال: فما كنتم تقولون في الطواف؟ قالوا: كنا نقول: سبحان الله, والحمد لله, ولا إله إلا الله, والله أكبر, قال آدم -عليه السلام: فزيدوا فيها: ولا حول ولا قوة إلا بالله قال: فزادت الملائكة فيها ذلك.

ص -22-         قال: ثم حج إبراهيم -عليه السلام- بعد بنيانه البيت, فلقيته الملائكة في الطواف فسلموا عليه فقال لهم إبراهيم: ماذا كنتم تقولون في طوافكم؟ قالوا: كنا نقول قبل أبيك آدم: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فأعلمناه ذلك فقال آدم -عليه السلام: زيدوا فيها: ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقال إبراهيم: زيدوا فيها: العلي العظيم قال: ففعلت الملائكة ذلك.
ذكر وحشة آدم في الأرض حين نزلها, وفضل البيت الحرام والحرم:
حدثنا أبو الوليد قال: حدثني جدي, عن سعيد بن سالم, عن عثمان بن ساج عن وهب بن منبه أنه قال: إن آدم -عليه السلام- لما هبط إلى الأرض استوحش فيها؛ لما رأى من سعتها ولم ير فيها أحدًا غيره فقال: يا رب, أما لأرضك هذه عامر, يسبحك فيها ويقدس لك غيري؟
قال: "إني سأجعل فيها من ذريتك من يسبح بحمدي ويقدس لي، وسأجعل فيها بيوتًا ترفع لذكري ويسبحني فيها خلقي، وسأبوئك فيها بيتًا أختاره لنفسي وأختصه بكرامتي وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمي، فأسميه بيتي وأنطقه بعظمتي، وأجوزه بحرماتي، وأجعله أحق بيوت الأرض كلها وأولاها بذكري، وأضعه في البقعة التي اخترت لنفسي، فإني اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض، وقبل ذلك قد كان بغيتي فهو صفوتي من البيوت, ولست أسكنه وليس ينبغي لي أن أسكن البيوت ولا ينبغي لها أن تسعني، ولكن على كرسي الكبرياء والجبروت وهو الذي استقل بعزتي، وعليه وضعت عظمتي وجلالي، وهنالك استقر قراري، ثم هو بعد ضعيف عني لولا قوتي, ثم أنا بعد ذلك ملء كل شيء، وفوق كل شيء، ومع كل شيء، ومحيط بكل شيء، وأمام كل شيء، وخلف كل شيء، ليس ينبغي لشيء أن

ص -23-         يعلم علمي، ولا يقدر قدرتي، ولا يبلغ كنه شأني.
أجعل ذلك البيت لك ولمن بعدك حرمًا وأمنًا، أحرم بحرماته ما فوقه، وما تحته، وما حوله, فمن حرمه بحرمتي فقد عظم حرماتي، ومن أحله فقد أباح حرماتي، ومن أمن أهله فقد استوجب بذلك أماني، ومن أخافهم فقد أخفرني في ذمتي، ومن عظم شأنه عظم في عيني، ومن تهاون به صغر في عيني ولكل ملك حيازة ما حواليه، وبطن مكة خيرتي وحيازتي وجيران بيتي وعمارها وزوارها وفدي وأضيافي في كنفي وأفنيتي ضامنون علي في ذمتي وجواري, فأجعله أول بيت وضع للناس وأعمره  بأهل السماء وأهل الأرض يأتونه أفواجًا شعثًا غبرًا على كل ضامر يأتين من كل فج عميق, يعجون بالتكبير عجيجًا ويرجون بالتلبية رجيجًا وينتحبون بالبكاء نحيبًا, فمن اعتمره لا يريد غيري فقد  زارني ووفد إلي ونزل بي, ومن نزل بي فحقيق علي أن أتحفه بكرامتي وحق الكريم أن يكرم وفده  وأضيافه, وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته.
تعمره يا آدم ما كنت حيا, ثم تعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء, أمة بعد أمة, وقرن بعد قرن, ونبي بعد نبي, حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك وهو خاتم النبيين, فأجعله من عماره، وسكانه، وحماته، وولاته، وسقاته يكون أميني عليه ما كان حيا, فإذا انقلب إلي وجدني قد ذخرت له من أجره وفضيلته ما يتمكن به للقربة مني والوسيلة إلي, وأفضل المنازل في دار المقام.
وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وثناءه ومكرمته لنبي من ولدك يكون قبل هذا النبي  وهو أبوه يقال له: إبراهيم أرفع له قواعده، وأقضي على يديه عمارته، وأنيط له سقايته، وأريه حله وحرمه ومواقفه, وأعلمه مشاعره ومناسكه، وأجعله أمة واحدة قانتًا لي قائمًا بأمري داعيًا إلى سبيلي أجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم، أبتليه فيصبر، وأعافيه فيشكر، وينذر لي فيفي، ويعدني فينجز، وأستجيب له في ولده وذريته من بعده, وأشفعه فيهم فأجعلهم

ص -24-         أهل ذلك البيت، وولاته، وحماته، وخدامه، وسدانه, وخزانه، وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا.
فإذا فعلوا ذلك فأنا الله أقدر القادرين على أن أستبدل من أشاء بمن أشاء، أجعل إبراهيم إمام أهل ذلك البيت، وأهل تلك الشريعة يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الإنس والجن, يطئون فيها آثاره، ويتبعون فيها سنته، ويقتدون فيها بهديه، فمن فعل ذلك منهم أوفى نذره واستكمل نسكه،  ومن لم يفعل ذلك منهم ضيّع نسكه وأخطأ بغيته.
فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن: أين أنا؟ فأنا مع الشعث الغبر الموفين بنذورهم المستكملين مناسكهم المبتهلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون.
وليس هذا الخلق ولا هذا الأمر الذي قصصت عليك شأنه يا آدم بزائد في ملكي، ولا عظمتي، ولا سلطاني، ولا شيء مما عندي إلا كما زادت قطرة من رشاش وقعت في سبعة أبحر1 تمدها من بعدها سبعة أبحر1 لا تحصى، بل القطرة أزيد في البحر من هذا الأمر في شيء مما عندي ولو لم أخلقه لم  ينقص شيئًا من ملكي ولا عظمتي ولا مما عندي من الغناء والسعة إلا كما نقصت الأرض ذرة  وقعت من جميع ترابها, وجبالها, وحصاها، ورمالها، وأشجارها, بل الذرة أنقص في الأرض من هذا  الأمر لو لم أخلقه لشيء مما عندي, وبعد هذا من هذا مثلًا للعزيز الحكيم".
حدثنا مهدي بن أبي المهدي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثني عبد الصمد بن معقل, عن وهب بن منبه بنحوه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 كذا في الأصل، ب. وفي أ: "سبغة البحر".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق